التجنب عن الميتة : (ولا يتم إلّا بالكف عنهما) آت أيضا في غيره من أفراد الحلال المختلط بالحرام ، لوجوب الاجتناب عن الحرام ، ولا يتم إلّا بالكفّ عن الجميع.
ثم قوله : (وقيده الأكثر بكونه محصورا دفعا للحرج ، وهو في محله) جار أيضا في مطلق الحلال المختلط بالحرام ، وأظهر منه ردّه للقول بتخصيص وجوب الاجتناب بما إذا كان غير المذكّى معيّنا معلوما ، حيث إن ذلك القائل استند إلى تلك الصحاح الدالة على أن «كل شيء فيه حلال وحرام فهو حلال حتى تعرف الحرام بعينه».
فأجاب بأن مورد تلك الصحاح هو الشيء المجهول ـ أي الذي لا يعلم كونه حلالا ولا حراما ـ والمتنازع فيه هو المشتبه المشتمل على الميتة قطعا ، إلى آخر كلامه. وهذا بعينه هو ما قلناه في المسألة من أن مورد تلك الأخبار إنما هو غير المحصور ممّا لم يعلم وجود الحرام المقطوع به فيه وإن احتمل كونه كذلك في الواقع ، إلّا إن الأحكام الشرعية لم تبن على الواقع ، وإنما بنيت على ما يظهر عند المكلف بخلاف محل النزاع ، فإنه يعلم وجود الحرام قطعا ، والشارع قد أوجب اجتنابه. ولكن حيث إن اجتنابه لا يتمّ إلّا باجتناب الجميع وجب اجتناب الجميع.
فكلامه ـ طاب ثراه ـ وإن كان في خصوص اللحم المختلط ذكيّه بميته ، إلّا إن سياق استدلاله كما ترى ظاهر في العموم والجري على مقتضى تلك القاعدة الكلية ، ثم خالف نفسه في البحث الأخير باعتبار إيراده في تلك الأخبار المذكورة صحيحة أبي بصير (١) الدالة على جواز شراء مال الخيانة والسرقة إذا
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٦ : ٣٧٤ / ١٠٨٨ ، وسائل الشيعة ١٧ : ١٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٦.