لا بدّ فيه من الإعلام في العدة ، والنكاح قد وقع صحيحا مطابقا للشرع ، فلا ينتفي بالرجوع الذي لم يحصل العلم به إلّا بعد التزويج. واستفتيا فيها فقهاء العصر ، وكتبا فيها إلى سائر البلدان ، كشيراز ، وأصفهان ، فصححوا كلام الشيخ أحمد ، وخطّئوا الشيخ عليا.
والحق أن هذا هو ظاهر كلام الأصحاب ، لأنّهم لم يشترطوا في صحة الرجوع الإعلام ، وليس هو من باب عزل الوكيل ، كما يجيء بيانه وإن كان لي فيها تأمّل ؛ لعدم النص الصريح في المسألة) (١) انتهى كلامه زيد مقامه.
فظاهر كلامه قدسسره كما ترى يدل على عدم وجود نصّ في الحكم المذكور لا بنفي ولا إثبات ، وهو عجيب منه ـ طاب ثراه ـ مع ما هو عليه في الأخبار من سعة الباع وزيادة الاطّلاع. والذي وقفت عليه من الروايات المتعلّقة بالمسألة ما رواه ثقة الإسلام الكليني ـ نوّر الله تعالى مرقده ـ في (الكافي) بسند صحيح إلى المرزبان قال : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن رجل قال لامرأته : اعتدّي فقد خلّيت سبيلك. ثم أشهد على رجعتها بعد ذلك بأيام ، ثم غاب عنها قبل أن يجامعها ، حتى مضت لذلك أشهر بعد العدة أو أكثر ، فكيف تأمره؟ فقال : «إذا أشهد على رجعته فهي زوجته» (٢).
وهذه الرواية ـ كما ترى ـ صريحة الدلالة على أنه بالإشهاد على الرجعة في العدة ، تثبت الزوجية ؛ وهي دالّة بإطلاقها على ذلك سواء بلغها الخبر أو لم يبلغها ، ولا فرق في ذلك من تزويجها بعد العدة مع عدم بلوغها الخبر ولا عدمه.
وليس في سند الخبر من ربما يتوقف في شأنه ، سوى المرزبان ، وهو ابن
__________________
(١) المسائل الحسينية في بعض المسائل الدينيّة : ١٨.
(٢) الكافي ٦ : ٧٤ / ٢.