انتفاء المرجّح المجازي. فيشكل التعلق في إثبات وجوب أمر بمجرد ورود الأمر به منهم عليهمالسلام) (١) انتهى.
وبمثل هذه المقالة صرّح السيد السند في موضع من (المدارك) (٢) ، ونسج على منوالهما جملة ممن تأخر عنهما ؛ منهم المولى محمد باقر الخراساني في (الذخيرة) (٣) و (الكفاية) (٤) ، ومنهم المحقّق الخونساري شارح (الدروس) (٥).
ومنهم شيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني (٦) وغيرهم.
وعندي فيه نظر من وجوه :
أحدها : أن تلك الأوامر والنواهي هي في الحقيقة أوامر الله سبحانه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، ولا فرق بين صدورها من الله سبحانه ورسوله ولا منهم (٧) ؛ لكونهم حملة ونقلة لقولهم عليهالسلام : «إنا إذا حدثنا حدثنا عن الله ورسوله ، ولا نقول من أنفسنا» (٨).
وحينئذ ، فحيث إن هذا القائل يسلم أن أوامر الله عزوجل ورسوله ونواهيهما الصادرة عنهما لا بواسطة واجبة الاتّباع ، فيجب عليه القول فيما كان بواسطتهم أيضا. وهل يجوز أو يتوهم نقلهم عليهالسلام ذلك اللفظ عن معناه الحقيقي الذي
هو الوجوب أو التحريم ، واستعماله في معنى مجازي من غير نصب قرينة وتنبيه على ذلك؟ وهل هو إلّا من قبيل التعمية والألغاز ، وشفقتهم على شيعتهم وحرصهم على هدايتهم ، بل علوّ شأنهم وعصمتهم يمنع من ذلك؟
وثانيهما : أن ما استند إليه هذا القائل من كثرة ورود الأوامر والنواهي في
__________________
(١) معالم الاصول : ٧٤.
(٢) انظر مدارك الأحكام ٤ : ٣٨٣.
(٣) ذخيرة المعاد : ١٠٨.
(٤) كفاية الأحكام : ٩٩.
(٥) مشارق الشموس في شرح الدروس : ١٢ ـ ١٣.
(٦) أزهار الرياض : ٩٨ ، أجوبة سليمان بن عبد الله : ٤٤ ، العشرة الكاملة : ٢١٩.
(٧) ولا فرق .. منهم ، من «ح» ، وفي «ق» بدله : ولا يفهم.
(٨) رجال الكشي : ٢٢٤ / ٤٠١ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٥٠ / ٦٢.