الخلّص الذين اطمأنّت قلوبهم بالله ، وتيقنوا أن الله نور السماوات والأرض كما وصف به نفسه.
وأعلى منها مرتبة من احترق بالنار بكلّيته وتلاشى فيها بجملته. ونظير هذه المرتبة في معرفة الله تعالى معرفة أهل الشهود والفناء في الله ، وهي المرتبة العليا والدرجة القصوى. رزقنا الله الوصول إليها والوقوف عليها بمنه وكرمه (١)) (٢) انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول : ما نقله هؤلاء الفحول عن هذا المحقق المقدّم في المعقول والمنقول (٣) وتلقّوه منه بالتسليم والقبول ، مخدوش عندي ومدخول بمخالفته للمأثور عن أهل الذكر ـ صلوات الله عليهم ـ والمنقول ، الذين هم الاولى بالاتّباع في بديهة العقول. وها أنا اوضّح ذلك على وجه تشتاقه الطباع السليمة ، وتهش إليه القرائح المستقيمة ، فأقول : اعلم أن مراتب معرفة الله سبحانه على ما يستفاد من أخبارهم عليهمالسلام ثلاث :
فالمرتبة الأولى جبلّية فطرية.
والثانية نظريّة تكليفية.
والثالثة إشراقيّة كشفية.
وكلّ من المرتبتين الأخيرتين يشتمل على مراتب أيضا ، كما سيأتي التنبيه عليه. وتفصيل هذا الإجمال أن يقال :
أما المرتبة الأولى ، فهي الإقرار بوجود الصانع ، وهو من أضرّ (٤) الضروريات اليقينية ، وأجلى الامور الفطرية كما ترادفت به الأدلة العقلية والنقليّة من الآيات
__________________
(١) رزقنا الله .. وكرمه ، من «ح» والمصدر.
(٢) الأربعون حديثا : ٨١ ـ ٨٢ / شرح الحديث : ٢.
(٣) ليست في «ح».
(٤) كذا في النسختين.