القرآنية والسنّة النبويّة على الصادع بها وآله أفضل الصلاة والسلام والتحية : (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) فلا ضرورة إلى ما دوّنه المتكلمون في (٢) مصنفاتهم ومقالاتهم ؛ فإن كل بالغ عاقل قد ظهر له من آثار القدرة الإلهية ما يدلّ على وجود مؤثر ولو لم ينظر إلّا إلى نفسه من كونه وجد بعد العدم ، وخلق من نطفة من ماء مهين ، ثم لم يزل ينمو ويكبر حتى ربما يبلغ الهرم ، فإنه يجزم بأنه لم يخلق نفسه ولا خلقه أبواه. ألا ترى إلى قوله سبحانه في الإخبار عن الكفار (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (٣) ، (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (٤) ، وقال سبحانه حاكيا عن عبّاد الأصنام (ما نَعْبُدُهُمْ إِلّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٥) وقال (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٦) ، وهو الفطرة (الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها) (٧) ، والصبغة التي أشار سبحانه إليها بقوله (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (٨) ، كما استفاضت به الأخبار (٩) في تفسير الآيتين المذكورتين.
وفي الخبر المأثور عنه صلىاللهعليهوآله : «كل مولود يولد على الفطرة ـ يعني المعرفة ـ وإنما يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه أبواه» (١٠).
__________________
(١) إبراهيم : ١٠.
(٢) في «ح» بعدها : مطوّلاتهم ، ولا ما أكثروا به في.
(٣) لقمان : ٢٥.
(٤) الأنعام : ٤٠ ـ ٤١.
(٥) الزمر : ٣.
(٦) النمل : ١٤.
(٧) الروم : ٣٠.
(٨) البقرة : ١٣٨.
(٩) مجمع البيان ١ : ٢٨١ ، ٨ : ٣٩١ ـ ٣٩٢.
(١٠) عوالي اللآلي ١ : ٣٥ / ١٨ ، وفيه : حتى يكون أبواه يهوّدانه .. ، بدل : وإنما يهودانه .. أبواه.