وفي خبر آخر عنه صلىاللهعليهوآله : «لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر لا إله إلّا الله» (١) الحديث.
وقد صرّح جملة من علمائنا بهذه المقالة ، ولا سيّما السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين علي بن طاوس الحسني ـ نوّر الله تعالى مرقده ـ في وصاياه لابنه ؛ فإنه قد أطال في إيضاحها وضرب الأمثلة في انشراحها. وعسى ننقل بعض كلماته في ذيل الكلام في هذا المقام. وكذا شيخنا الصدوق في كتاب (التوحيد) وغيرهما ، ومما لا خلاف فيه بين العلماء الأعلام. وعليه تدلّ أخبار أهل الذكر عليهم الصلاة والسلام [من] أنّ من بلغ عاقلا ولم يقر بالصانع فإنّه يحكم بكفره ، ويجب قتله واستباحة ماله (٢).
ولو كانت المعرفة كما [ادعاها] (٣) نظريّة ، لوجب إمهاله مدة من السنين ، حتى يتعلم علم الكلام ويعرف الاستدلال.
قال بعض المحققين بعد ذكر جملة من الأخبار ما هذا لفظه : (وقد ظهر من هذه الكلمات أن كلّ مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجّسانه كما ورد في الحديث النبوي صلىاللهعليهوآله ؛ ولهذا جعل الناس معذورين في تركهم لاكتساب المعرفة بالله ، متروكين على ما فطروا عليه ، مرضيا عنهم بمجرد الإقرار بالقول ، ولم يكلّفوا الاستدلالات العقلية في ذلك. قال نبيّنا صلىاللهعليهوآله : «أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله» (٤) ، وإنما التعمّق لزيادة البصيرة ، ولطائفة مخصوصة ، والردّ على أهل الضلال ؛ ولهذا أمرت الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ بقتل من أنكر
__________________
(١) التوحيد : ٣٣١ / ١٠ ، وسائل الشيعة ٢١ : ٤٤٧ ، أبواب أحكام الأولاد ، ب ٦٣ ، ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٢٨ : ٣٢٦ ، أبواب حد المرتدّ ، ب ٢.
(٣) في «ح» : من ادعاه ، وفي «ق» : ادعاه.
(٤) كنز العمّال ١ : ٨٨ / ٣٧٥.