مسألة الجوهر الفرد ، فإنا نقول : إن (١) كل متحيز فإن يمينه غير يساره ، وكلّ ما كان كذلك فهو منقسم ، ينتج أن كل متحيّز منقسم. ثم نقول : [الآن الحاضر غير منقسم وإلّا [لم يكن [كله] حاضرا بل بعضه ، وإذا كان غير منقسم كان أوّل عدمه في آن آخره متصل بآن وجوده ، فلزم تتالي الآنات ، ويلزم منه كون الجسم مركبا من أجزاء لا تتجزّأ ، فهذان الدليلان متعارضان.
ولا نعلم جوابا شافيا عن أحدهما. ونعلم أن أحد الكلامين يشتمل على مقدمة باطلة ، وقد جزم العقل بصحّتها ابتداء (٢) فصار العقل مطعونا فيه) (٣) ، ثم أخذ في تفصيل هذه الوجوه بكلام طويل (٤) كما هي عادته.
فإن قلت : فعلى ما ذكرت من عدم الاعتماد على الدليل العقلي يلزم ألّا يكون العقل معتبرا بوجه من الوجوه ، مع أنه قد استفاضت الآيات القرآنية والأخبار المعصومية بالاعتماد على العقل والعمل على ما يرجّحه ، وأنه حجة من حجج الله عزوجل كقوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٥) في غير موضع من (الكتاب) العزيز ، أي يعملون بمقتضى عقولهم ، (الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٦) (لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٧) (لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (٨) (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٩) (لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (١٠).
وقد ذم عزوجل قوما لم يعملوا بمقتضى عقولهم ، فقال سبحانه
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) في المصدر : أبدا.
(٣) عنه في الأنوار النعمانية ٣ : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٤) وردت هذه العبارة في الأنوار النعمانية في ذيل نقل السيد الجزائري لكلام الرازي.
(٥) الرعد : ٤ ، النحل : ١٢.
(٦) الرعد : ٣ ، الروم : ٢١ ، الزمر : ٤٢ ، الجاثية : ١٣.
(٧) آل عمران : ١٩٠.
(٨) طه : ٥٤ ، ١٢٨.
(٩) الرعد : ١٩ ، الزمر : ٩.
(١٠) الزمر : ٢١.