(أَفَلا يَعْقِلُونَ) (١) ، ولكن (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٢) (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (٣) (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٤) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على مدح العمل بمقتضى العقل وذم عكسه.
وفي الحديث (٥) عن أبي الحسن عليهالسلام حين سئل : فما الحجة على الخلق اليوم؟
فقال عليهالسلام : «العقل ، يعرف به الصادق على الله فيصدقه ، والكاذب على الله فيكذبه» (٦).
وفي آخر عن الصادق عليهالسلام قال : «حجة الله على العباد النبي (٧) ، والحجة فيما بين الله وبين العباد (٨) العقل» (٩).
وفي آخر عن الكاظم عليهالسلام : «يا هشام ، إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة ؛ فأما الحجة الظاهرة فالأنبياء والرسل والأئمَّة ، وأمّا الباطنة فالعقول» (١٠).
قلت : لا ريب أن العقل الصحيح الفطري حجة من حجج الله سبحانه وسراج منير من جهته جلّ شأنه وهو موافق للشرع ، بل هو شرع من داخل كما أن ذاك شرع من خارج ، لكن ما لم تغيّره غلبة الأوهام الفاسدة وتتصرف فيه العصبية أو حب الجاه أو نحو ذلك من الأغراض الكاسدة ، وهو يدرك الأشياء قبل ورود الشرع بها فيأتي الشرع مؤيدا له ، وقد لا يدركها قبله ويخفى عليه الوجه فيها فيأتي الشرع كاشفا ومبينا.
وغاية ما تدلّ عليه الأدلة مدح العقل الفطري الصحيح الخالي من شوائب
__________________
(١) يس : ٦٨.
(٢) المائدة : ١٠٣ ، العنكبوت : ٦٣ ، الحجرات : ٤.
(٣) المائدة : ٥٨ ، الحشر : ١٤.
(٤) محمّد : ٢٤.
(٥) في «ح» : الحسن.
(٦) الكافي ١ : ٢٥ / ٢٠.
(٧) من «ح» ، والمصدر.
(٨) في «ح» والمصدر : بين العباد وبين الله.
(٩) الكافي ١ : ٢٥ / ٢٢.
(١٠) الكافي ١ : ١٦ / ١٢ ، وفيه : فالرسل والأنبياء ، بدل : فالأنبياء والرسل.