الأوهام ، العاري عن التلوث بتلك الآلام والأسقام ، وأنه بهذا المعنى حجة إلهية ؛ لإدراكه بصفاء نورانيته وأصل فطرته بعض الامور التكليفية ، وقبوله لما يجهل منها متى ورد عليه الشرع بها ، وهو أعمّ من أن يكون بإدراكه ذلك أولا أو قبوله لها ثانيا كما عرفت. ولا ريب أن الأحكام الفقهيّة من عبادات وغيرها كلّها توقيفية تحتاج إلى السماع من حافظ الشريعة.
ولهذا قد استفاضت الأخبار ـ كما مرّ بك الإشارة إلى شطر منها في درر هذا الكتاب ، ولا سيما في درة البراءة الأصلية ، والدرّة التي في (١) مقبولة عمر بن حنظلة ـ بالنهي عن القول في الأحكام الشرعية بغير سماع منهم عليهمالسلام وعلم مأثور عنهم ـ صلوات الله عليهم ـ ووجوب التوقف عن الفتوى والرجوع إلى الاحتياط في العمل متى انسدّ طريق العلم منهم عليهمالسلام ، ووجوب الرد إليهم فيما خفي وجهه وأشكل أمره من الأحكام.
وما ذاك إلّا لقصور العقل المذكور عن الاطلاع على أغوارها ، وإحجامه عن التلجج في لجج بحارها. بل لو تم للعقل الاستقلال بذلك لبطل إرسال الرسل ، وإنزال الكتب ؛ ومن ثم تواترت الأخبار ناعية على أصحاب القياس بذلك.
ومن الأخبار المؤكدة لما ذكرنا رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث طويل قال : «إنّ الله لم يكل أمره إلى (٢) خلقه لا إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل ، ولكنه أرسل رسولا من ملائكته فقال له : قل : كذا وكذا فأمرهم بما يحبّ ونهاهم عما يكره» (٣) الحديث.
ومنها رواية أبي بصير عنه عليهالسلام قال : قلت : ترد علينا أشياء ليس نعرفها في
__________________
(١) في «ح» بعدها : شرح.
(٢) في «ح» : ولا.
(٣) الكافي ٨ : ١٠١ / ٩٢ ، باب حديث آدم عليهالسلام عليهالسلام مع الشجرة ، وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٥ ـ ٣٦ ، أبواب صفات القاضي ب ٦ ، ح ١.