يفعل في داخل سمعه كلاما خفيا يتضمن أشياء مخصوصة ، فيعتقد النائم إذا سمع ذلك الكلام أنه يراه ، فقد نجد كثيرا من النيام يسمعون حديث من يتحدث بالقرب منهم فيعتقدون أنّهم يرون ذلك الحديث في منامهم.
ومنها ما يكون سببه والداعي إليه خاطرا يفعله الله تعالى أو يأمر بعض الملائكة بفعله. ومعنى هذا الخاطر أن يكون كلاما يفعل في داخل السمع فيعتقد النائم أيضا ما يتضمن ذلك الكلام.
والمنامات الداعية إلى الخير والصلاح في الدين يجب أن تكون إلى هذا الوجه مصروفة ، كما أن ما يقتضي الشر منها الأولى أن تكون إلى وسواس الشيطان مصروفة. وقد يجوز على هذا فيما يراه النائم في منامه ثم يصح ذلك حتى يراه في يقظته على حد ما يراه في منامه ، وفي كل منام يصح تأويله أن يكون سبب صحته أن الله تعالى يفعل كلاما في سمعه لضرب من المصلحة بأن شيئا يكون أو قد كان على بعض الصفات ، فيعتقد النائم أن الذي يسمعه هو يراه ، فإذا صح تأويله على ما يراه فما ذكرناه إن لم يكن مما يجوز أن يتفق فيه الصحة اتفاقا ، فإن في المنامات ما يجوز أن يصح بالاتفاق ، وما يضيق فيه مجال نسبته إلى الاتّفاق. فهذا الذي ذكرناه يمكن أن يكون وجها فيه) (١) إلى آخر كلامه قدسسره.
وثالثها : ما استفدته من الوالد ـ قدس الله نفسه وطيب رمسه ـ مذاكرة ، وهو الأقرب إلى الأخبار الواردة عن الأئمَّة الأطهار ـ صلوات الله عليهم ـ وهو أن الروح قبل حلولها البدن ـ سواء قلنا بتجردها كما هو أحد الأقوال (٢) ، أو بتجسّمها كما هو ظاهر بعض الآيات وجملة من الروايات ، أو بكونها في قالب مثالي كما قيل به أيضا ـ لما كانت مخلوقة قبل الجسد كما استفاضت به
__________________
(١) لم نعثر عليه في كتاب الغرر والدرر ، والكلام موجود برمّته في رسائل الشريف المرتضى ، (المجموعة الثانية) : ٩ ـ ١١.
(٢) انظر كشف المراد : ١٨٤.