العلم ، ولا يخفى على ذي رؤية ممن شم رائحة الفهم.
وأما عدم دليل على الإبطال ، فلأنه ليس لهم ممّا يمكن أن يتشبثوا به إلّا التوقيع المروي في كتاب (الاحتجاج) عن الحميري أنه كتب إلى الإمام القائم عليهالسلام ، يسأله : هل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم عليهمالسلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ، أم يقوم عند رأسه أو رجليه؟ وهل يجوز (١) أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا؟ فأجاب عليهالسلام : «وأما الصلاة فإنها خلفه ، ويجعل القبر أمامه ، ولا يجوز أن يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره ؛ لأن الإمام عليهالسلام لا يتقدّم ولا يساوى» (٢).
والجواب عنه أن هذا الحديث وإن كان يدلّ على ما ذكروه من النهي عن المساواة ، إلّا إن الشيخ ـ رضوان الله عليه ـ قد روى هذا الخبر عن (٣) الحميري أيضا في (التهذيب) بسند صحيح ، وفيه جوابا عن السؤال المذكور ما صورته : «وأما الصلاة فإنها خلفه يجعله الإمام ، ولا يجوز أن يصلي بين يديه ؛ لأن الإمام لا يتقدم ، ويصلّى عن يمينه وشماله» (٤) ، وهو ـ كما ترى ـ ظاهر في جواز المساواة كما تدل عليه الأخبار الآتية.
وبذلك أيضا صرّح شيخنا البهائي ـ عطر الله مرقده ـ في كتاب (الحبل المتين) حيث قال ـ بعد نقل الخبر المذكور بطوله ـ : (هذا الخبر يدل على عدم جواز وضع الجبهة على قبر الإمام عليهالسلام).
إلى أن قال : (وعلى عدم جواز التقدم على الضريح المقدس حال الصلاة ؛ لأن قوله عليهالسلام : «يجعله الإمام» صريح في جعل القبر بمنزلة الإمام في الصلاة ، فكما أنه
__________________
(١) لمن صلّى عند بعض قبورهم .. وهل يجوز ، من «ح» والمصدر.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٥٨٣ / ٣٥٧.
(٣) من «ح».
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٢٨ / ٨٩٨.