كما لا يخفى على الموفق المصيب ، ومن له من المعرفة والإنصاف أدنى نصيب.
الثالث : أنه لا يخفى على كل ناظر ذي عينين ممن لم يطمس بصر بصيرته بغشاوة التعصب والرين أن المصلي في الموضع المذكور متى كان مسندا ظهره للجدار كما هو المفروض أولا ، فإنه لا يكون مساويا للقبر ، بل هو متأخر عنه ، والقبر إنما يحاذي موضع سجوده. وهذا لا يسمى مساواة لا عرفا ولا شرعا ؛ لأن المساواة عبارة عن الاستواء.
فإذا قيل : ساواه في المكان ، يعني : صار محاذيا له ومستويا معه (١) ، كصلاة المأموم الواحد مع الإمام يقوم إلى جنبه محاذيا له ، كما عرفته من كلام شيخنا البهائي المتقدّم.
ولو قيل : إن القبر عبارة عن مجموع الصندوق الموضوع على القبر ـ كما يتوهمه بعض الجهلة ـ فهو ممّا لا يستحق قائله الجواب ؛ لخروجه عن زمرة ذوي العقول والألباب ؛ لأن القبر شرعا ولغة وعرفا إنّما هو عبارة عن الموضع الذي يدفن فيه الميت ، وهو هنا في وسط الصندوق الكبير ، وقد جعل عليه علامة الصندوق الصغير المطروح فوق الصندوق الكبير ، وهو الذي تطرح عليه الزينة والثياب المطرزة المذهبة في جميع قبور الأئمّة عليهمالسلام ، فإنّهم يطرحون ذلك علامة للقبر (٢) ، ليكون موضعه معلوما للناظر لأجل الآداب المتعلّقة به والأعمال الراجعة إليه.
الرابع : أنه لا يخفى أن القبر الآن قد صار مستورا بهذا الصندوق الموضوع عليه ، والأحكام الواردة في الأخبار إنما ترتبت على القبر مع ظهوره وبروزه ، ولو جاز أن ترتب عليه مع خفائه ، لصدق أيضا ذلك بالنسبة إلى من صلّى خارج
__________________
(١) في «ح» بعدها : فيه.
(٢) ليست في «ح».