كلام اولئك الفضلاء المتقدم نقله ـ وبذلك صرّح غيرهم أيضا أن (١) أخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن الدالة على صحتها.
وحينئذ يظهر عدم وجود مورد التقسيم المذكور في أخبار هذه الكتب ، وقد ذكر صاحب (المنتقى) أن أكثر أنواع الأحاديث المذكورة في دراية الحديث بين المتأخّرين من مستخرجات العامّة بعد وقوع معانيها في أحاديثهم ، وأنه لا وجود لأكثرها في أحاديثنا (٢). وأنت إذا تأملت بعين الحق واليقين وجدت هذا التقسيم هنا من ذلك القبيل.
السابع : أن التعديل والجرح [موقوفان] (٣) على معرفة ما يوجب الجرح ، ومنه الكبائر ، وقد اختلفوا فيها اختلافا منتشرا فلا يمكن الاعتماد على تعديل المعدل وجرحه إلّا مع العلم بموافقة مذهبه لمذهب من يريد العلم (٤). وهذا العلم ممّا لا يمكن أصلا ؛ إذ المعدّلون والجارحون من علماء الرجال ليس مذهبهم في عدد الكبائر معلوما. قال شيخنا البهائي قدسسره على ما نقل (٥) عنه من المشكلات : (إنا لا نعلم مذهب (٦) الطوسي في العدالة ، وأنه يخالف مذهب العلّامة ، وكذا لا نعلم مذاهب بقية أصحاب الرجال كالكشي والنجاشي وغيرهم ، ثم نقبل تعديل العلّامة في التعويل على تعديل أولئك.
وأيضا كثير من الرجال ينقل عنه أنه كان على خلاف المذهب ، ثم رجع وحسن إيمانه ، والقوم يجعلون روايته من الصحيح مع أنهم غير عالمين بأن أداء الرواية متوقع بعد التوبة أم قبلها. وهذان المشكلان لا أعلم أن أحدا قبلي تنبه لشيء منهما) انتهى.
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : إذ.
(٢) منتقى الجمان ١ : ٩ ـ ١٠.
(٣) في النسختين : موقوف.
(٤) في «ح» : العمل.
(٥) الوافية : ٢٧٤.
(٦) في «ح» بعدها : الشيخ.