صرّح العلّامة (١) وغيره (٢) بأن جاهل الحكم عامد ؛ لأن العلم ليس شرطا في التكليف).
ثم نقل عن بعضهم ، أنه استشكل ذلك لقبيح تكليف الغافل. ثم قال بعد نقل كلام ذلك البعض بطوله ما صورته : (وبالجملة ، الظاهر أن التكليف متعلّق بمقدمات الفعل ، كالنظر والسعي والتعلّم ، وإلّا لزم تكليف الغافل والتكليف بما لا يطاق ، والعقاب يترتّب على ترك النظر ، لكن لا يبعد أن يكون متضمّنا لعقاب التارك مع العلم. ولا يخفى أنه يلزم على هذا ألّا يكون الكفّار مخاطبين بالأحكام ، وإنما يكونون مخاطبين بمقدمات الأحكام ، وهذا خلاف ما قرّره الأصحاب وتحقيق هذا المقام من المشكلات) (٣) انتهى كلامه ، زيد مقامه.
أقول : والظاهر أن وجه الإشكال (٤) عنده من حيث مصادمة الدليل العقلي لما قرّره الأصحاب في هذا الباب ، فخروجه عما عليه الأصحاب سيّما مع ظاهر اتفاق كلمتهم في هذا الباب مشكل ، ومخالفته لمقتضى الدليل العقلي أشكل. ولا يخفى ما فيه عن الفطن النبيه ، فإن متابعة الشهرة من غير دليل واضح في المقام ، ولا سيّما مع قيام الدليل على خلاف ما ذكروه من الأحكام لا يخلو عن مجازفة والتساهل في أحكام الملك العلّام.
على أنه لو كان الجمود (٥) على الشهرة معمولا عليه بين الأصحاب لما انتشر صيت هذا الخلاف بينهم في باب من الأبواب. وأنت ترى أنه لم يبق جزئي من جزئيّات الأحكام إلّا وقد أكثروا فيه النقض والإبرام ، وانتشرت فيه الأقوال ، وبسطوا فيه الاستدلال وإن تقدّمهم (٦) شهرة ، بل إجماع في ذلك المجال ، فكلّ
__________________
(١) منتهى المطلب ٤ : ٢٣٠.
(٢) الدروس ١ : ١٢٧.
(٣) ذخيرة المعاد : ١٦٧.
(٤) في «ح» بعدها : المذكور.
(٥) في «ح» : الجمهور.
(٦) في «ح» : تقدم منهم.