لو سلم وجود تلك الصفات في غيرهم ـ صلوات الله عليهم ـ لكنه كما عرفت ممنوع أشدّ المنع. ومما يدلّك على صحة ما ذكرناه الأخبار التي قدّمناها دالّة على اختصاصهم عليهمالسلام بذلك ، ولا سيما حديث (المحاسن) (١) الذي نقلناه بطوله.
ولا بأس بنقل بعض الأخبار التي أجّلنا ذكرها آنفا ؛ لدفع هذه الترّهات الفاسدة وكسر سورة هؤلاء المدّعين لهذه الدعاوى الكاسدة ، وأنهم من جملة الراسخين المرادين من قوله سبحانه (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٢) ، فروى ثقة الإسلام قدسسره بسنده عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه ـ إلى أن قال ـ : وقلت للناس : أليس تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان الحجّة من الله على خلقه؟ قالوا : بلى. قلت : فحين مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله من كان الحجة لله على خلقه؟ قالوا : (القرآن) ، فنظرت في (القرآن) فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن (القرآن) لا يكون حجة إلّا بقيّم ، فما قال فيه من شيء كان حقا ـ إلى أن قال ـ : فأشهد أن عليا كان قيم (القرآن) ، وكانت طاعته مفروضة (٣). الحديث.
وروى في الكتاب المذكور عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «الراسخون في العلم : أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة من ولده عليهمالسلام» (٤).
وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث في قوله تعالى (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قال : «أمير المؤمنين والأئمّة عليهمالسلام» (٥).
__________________
(١) المحاسن : ٤١٧ ـ ٤١٨ / ٩٦٠.
(٢) آل عمران : ٧.
(٣) الكافي ١ : ١٦٨ ـ ١٦٩ / ٢ ، باب الاضطرار إلى الحجة.
(٤) الكافي ١ : ٢١٣ / ٣ ، باب أن الراسخين في العلم هم الأئمّة عليهمالسلام.
(٥) الكافي ١ : ٤١٤ ـ ٤١٥ / ١٤ ، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية.