مجانبا للتعصب والاعتساف من صحة ما ذكرناه من أن مراده عليهالسلام هم الأئمّة من ولده ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ فإنهم هم الحجج لله سبحانه بعد الأنبياء عليهمالسلام ، الذين لا يجوز أن تخلو الأرض من واحد منهم ؛ إما ظاهر مشهور ، أو مستتر مغمور.
وهؤلاء هم الموصوفون بالصفات التي ذكرها ذلك القائل في كلامه ، وزعم أنه وأمثاله مرادون منها ، والحال أنه عليهالسلام إنما أراد منها الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ لأنها مؤذنة بعصمة المتّصف فيها ، كما لا يخفى على من تأمل في مضامينها حقّ التأمل. وبذلك أيضا صرّح شيخنا البهائي ـ عطر الله مرقده ـ في كتاب (الأربعين) (١) في شرح الحديث المذكور.
وأما قوله : (وليست السعادة وقفا على قوم دون آخرين) على إطلاقه فممنوع أشد المنع كما عرفت وستعرف. وقوله : (وقد عدوا جمعا من أصحابهم) ـ إلى آخره ـ فيه أنه أيضا قد قالوا : «شيعتنا منا» (٢) ، وقال سبحانه حكاية عن إبراهيم عليهالسلام ـ (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) (٣).
ومن الظاهر أن (المنية) لا دلالة فيها على أزيد من الاختصاص والقرب ، وإن تفاوت أفراده شدّة وضعفا ، وسبب هذا القرب وإن كان هو تنوّر القلب بأنوار ولايتهم والاقتداء بهم في سنّتهم وطريقتهم ، إلّا إنه لا يستلزم المشاركة لهم في خصوص ما دلّت الأخبار على اختصاصهم به من المزايا الإلهية والخصائص السبحانية.
وأما قوله : (ومن هذه صفته لا يبعد دخوله في الراسخين في العلم) ، [ف] مسلم
__________________
(١) الاربعون حديثا : ٣٤٠ / شرح الحديث : ٢٦.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٧٩ / ٤٠ ، وسائل الشيعة ٩ : ٢٢٩ ، أبواب المستحقين للزكاة ، ب ٧ ، ح ٦.
(٣) إبراهيم : ٣٦.