باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة.
آه آه إن هاهنا ـ وأشار إلى صدره ـ لعلما جمّا لو أصبت له حملة ، بلى أصبت له لقنا (١) غير مأمون يستعمل آلة الدين [للدنيا] (٢) ، ويستظهر بحجج الله على خلقه وبنعمه على عباده ، أو منقادا للحق ولا بصيرة له في [أحنائه] (٣) ، ينقدح الشكّ في قلبه لأوّل عارض شبهة ـ ألا لا ذا ولا ذاك ـ أو منهوما باللذات سلس القياد للشهوات ، أو مغرى بالجمع و [الادّخار] (٤) ليسا من رعاة الدين في شيء ، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ظاهر مشهور أو مستتر مغمور ؛ لئلّا تبطل حجج الله وبيّناته. [وكم ذا] وأين اولئك؟ اولئك (٥) والله الأقلّون عددا ، الأعظمون [قدرا] (٦) ، بهم يحفظ الله حججه وبيّناته حتى يودعوها نظراءهم (٧) ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم (٨) العلم على حقائق الامور ، وباشروا أرواح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى ، اولئك خلفاء الله في أرضه ، والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إليهم» (٩) الحديث.
ولا أراك في شك بعد نظرك في الخبر (١٠) المذكور بعين التأمل والإنصاف
__________________
(١) اللقن : سريع الفهم ، يريد عليهالسلام : أنه أصاب فهما غير ثقة. لسان العرب ١٢ : ٣١٧ ـ لقن.
(٢) من المصدر ، وفي النسختين : في الدنيا.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : احسانه.
(٤) من المصدر ، وفي «ح» : الارخاء.
(٥) ليست في «ح».
(٦) من المصدر ، وفي النسختين : خطرا.
(٧) في «ق» بعدها : ويزعمون ، وما أثبتناه وفق «ح» والمصدر.
(٨) في «ح» : به.
(٩) نهج البلاغة : ٦٨٥ ـ ٦٨٧ / ١٤٧ ، الأمالي (الطوسي) : ٢٠ / ٢٣.
(١٠) في «ح» : للخبر ، بدل : في الخبر.