بطريق العلم واليقين دون الظن والتخمين والعمل (١) على الأقيسة والآراء ، والظنون والأهواء.
ومن المعلوم أنهم إذا اتّفقوا كملا ، أو علم اتفاق جمع منهم وإن لم يعلم حال الباقين (٢) على الحكم من الأحكام ، علم بذلك أنه مذهب الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ إذ من المعلوم عادة أنه يمتنع اتفاقهم على الباطل ؛ لما ذكرنا مع تمكّنهم من العلم.
وأيضا فإن مذهب كل إمام لا يعلم إلّا بنقل أتباعه وشيعته ومقلديه ، فإنه لا يعلم مذهب أبي حنيفة في الفروع والاصول إلّا بنقل أتباع مذهبه ، وهكذا الشافعي وباقي المذاهب أصولا وفروعا.
ويقرب من هذا أيضا ما لو أفتى جماعة من الصدر الذي يقرب منهم (٣) ـ عصر الصدوق وثقة الإسلام الكليني ونحوهما ، عطر الله مراقدهم ـ من أرباب النصوص بفتوى لم نقف فيها على خبر ولا مخالف منهم ، فإنه أيضا ممّا يقطع بحسب العلم العادي فيها بالحجية ، وأن ذلك قول المعصوم عليهالسلام ؛ لوصول نص لهم في ذلك. ومن هنا نقل جمع من أصحابنا ـ رضياللهعنهم ـ أن المتقدّمين كانوا إذا أعوزتهم النصوص يرجعون إلى فتاوى علي بن الحسين بن بابويه رضياللهعنه (٤).
وأنت خبير بأن جملة من متأخري أصحابنا المحققين وأن عدوا الإجماع في جملة الأدلة في كتبهم الاصولية واستسلفوه أيضا في مواضع من الكتب الفروعية إلّا إنهم في مقام الترجيح والتحقيق يتكلمون فيه ويمزّقونه تمزيقا لا يبقي له عينا ولا أثرا كما لا يخفى على من طالع كتبهم الاستدلالية كـ (المسالك) (٥) ،
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : التعلم.
(٢) في هامش «ح» بعدها : منهم.
(٣) من «ح».
(٤) انظر ذكرى الشيعة ١ : ٥١.
(٥) مسالك الأفهام ٦ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩.