و (المدارك) (١) ، و (الذكرى) (٢) ونحوها.
قال المحقق الشيخ في (المعالم) في بيان تحقق امتناع الإجماع المذكور في زمن الغيبة : (الحق امتناع الاطّلاع عادة على حصول الإجماع في زماننا هذا وما ضاهاه من غير جهة النقل ؛ إذ لا سبيل إلى العلم بقول الإمام ، كيف ، وهو موقوف على وجود المجتهدين من المجهولين ليدخل في جملتهم ، ويكون قوله مستورا بين أقوالهم؟ وهذا ممّا يقطع بانتفائه.
فكل إجماع في كلام الأصحاب ممّا يقرب من عصر الشيخ إلى زماننا هذا ، وليس مستندا إلى نقل متواتر أو آحاد حيث يعتبر ، أو مع القرائن المفيدة للعلم فلا بدّ أن يراد به ما ذكره الشهيد من الشهرة.
وأما الزمان السابق على ما ذكرناه ، المقارب لعصر ظهور الأئمّة عليهمالسلام ، وإمكان العلم بأقوالهم ، فيمكن فيه حصول الإجماع والعلم به بطريق التتبّع. وإلى مثل هذا نظر بعض علماء أهل الخلاف ، حيث قال (٣) : الإنصاف أنه لا طريق إلى معرفة حصول الإجماع ، إلّا في زمان الصحابة ، حيث كان المؤمنون قليلين يمكن معرفتهم بأسرهم (٤) على التفصيل) (٥) انتهى كلام المحقق المذكور. ومن أراد زيادة كشف في المقام ، فليرجع إلى كلام الشهيد في أول كتابه (الذكرى) (٦).
وبالجملة ، فالتحقيق أن أساطين الإجماع كالشيخ والمرتضى وابن إدريس وأضرابهم قد كفونا مؤنة القدح فيه وإبطاله بمناقضة بعضهم بعضا في دعوى الإجماع المذكور ، بل مناقضة الواحد منهم نفسه في ذلك كما لا يخفى على المتتبع البصير ، ولا ينبّئك مثل خبير.
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٢٧٥.
(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٤٩ ـ ٥٢.
(٣) المحصول في علم الاصول ٢ : ٨.
(٤) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : أصلهم.
(٥) معالم الاصول : ٢٤٢ ـ ٢٤٣.
(٦) ذكرى الشيعة ١ : ٤٩ ـ ٥٢.