يتعلق بأحد تكليف إلّا بعد بلوغ الخطاب إليه.
وأما قوله عليهالسلام : «بما آتاهم وعرّفهم» ، فيحتمل أن يكون إشارة إلى ما تواترت به الأخبار (١) عن الأئمَّة الأطهار عليهمالسلام ، من أنه تعالى أخذ الإقرار بالربوبية من الأرواح في يوم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) (٢) أو إلى ما يفهم من بعض الروايات (٣) من أنه إذا أراد الله تعالى تعلّق التكليف بأحد أفهمه أنه موجود ، وأن له رضا وسخطا بدلالات واضحة على ذلك ، وبأن مقتضى حكمته تعالى أن يعيّن أحدا لتعليم الناس ما يرضيه وما يسخطه ، ثمّ يبلّغه دعوة النبيّ صلىاللهعليهوآله والمعجزة على وفقها ، وما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله من الواجبات والمحرمات وحينئذ يتعلّق به التكليف لا قبله) (٤) انتهى.
الخامس : الأخبار الدالّة على وجوب طلب العلم كقولهم : «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم» (٥) ؛ فإن موردها المسلم دون مطلق المكلّف أو البالغ العاقل.
والوجه في ذلك ما دل عليه الخبر المتقدّم نقله من كتاب (الاحتجاج) صريحا ، ودل عليه الخبران الآخران تلويحا من أن المطلوب من العباد أوّلا هو الإقرار بالشهادتين ، فإذا انقادوا إلى ذلك كلّفوا بالعبادات ، وإليه يشير أيضا قول الصادق عليهالسلام المتقدّم نقله : «إن من قولنا : إن الله يحتج على العباد ..» ـ إلى آخره ـ حيث إنه عليهالسلام قدم أشياء على الأمر والنهي ، فتلك الأشياء هي المعارف المأمور بها أوّلا.
وما يستفاد من الأمر والنهي هو العلم المأمور بتحصيله ثانيا ، فهذا هو السبب
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٤٠ ـ ٤٤ / ١٠٣ ـ ١١٧.
(٢) الأعراف : ١٧٢.
(٣) المحاسن ١ : ٣٢٠ ـ ٣٢٢ / ٦٣٧ ـ ٦٤٥.
(٤) الفوائد المدنيّة : ١٦١.
(٥) الكافي ١ : ٣٠ / ١ ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه.