أشعر كلام البعض بخلافه (١) ـ لكنهم اتفقوا أنها في المقامات الخطابية للعموم ؛ إذ هو الأوفق بمقتضى الحكمة.
وأما ما ذكره قدسسره بالنسبة إلى الرواية التي أوردها ، من أن اللام ثمة إنما تحمل على العموم مع عدم القرينة ، وقرينة العهد به حاصلة بالنسبة إلى الفرد المسؤول عنه ، ففيه :
أولا : أن ظاهر قوله عليهالسلام في تلك الرواية : «ولا تنقض اليقين بالشكّ» إنّما هو العموم ، فإنه عليهالسلام استدل على أن الوضوء اليقيني لا ينتقض بحدث النوم لقوله : «لا ، حتى يستيقن أنه قد نام».
إلى قوله : «وإلّا فهو على يقين من وضوئه» ، ثم أردفه بتلك القاعدة الكلية تأكيدا للاستدلال ، وإيذانا بعموم الحكم في جميع الأحوال. ولو كان مراده بها إنما هو عدم نقض الوضوء بالنوم على تلك الحال ، لكان أعاده للأوّل بعينه ، وهو خارج عن قانون الاستدلال.
وثانيا : ما ذكرنا من دلالة غير هذه الرواية صريحا على كون ذلك قاعدة كلية ، كصحيحة زرارة الواردة في الشكّ بين الأربع والثنتين ، فإنها ـ كما ترى ـ صريحة الدلالة واضحة المقالة على المراد ، غير قابلة للتأويل والإيراد. وحينئذ ، فللقائل أن يقول : إن الشكّ الذي لا ينتقض به اليقين أعم من أن يكون شكّا في وجود الناقض أو شكا بأحد المعاني الثلاثة الأخيرة ، فإنّها ترجع بالآخرة إلى الشكّ في وجود الناقض ؛ إذ متى شك في كون هذا الفرد من أفراد ذلك الكلّي المتيقن نقضه ، فقد شك في وجود الكلّي في ضمنه.
وقوله : (إن الناقض في هذه الصور إنما هو اليقين) ممنوع ، بل الشكّ الحاصل
__________________
(١) المستصفى من علم الاصول ٢ : ٨٩ ، الإحكام في اصول الأحكام ٢ : ٤٢١.