كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء» (١).
وربما يتوهم من هذا الخبر الدلالة على خلاف المراد ، وليس بذاك ؛ وذلك لأن الظاهر أن أمره عليهالسلام بإعادة الصلاة إنّما هو لوجود عين النجاسة ، لا لكون الجارية أزالتها عن الثوب ، حتى لو فرض أنها أزالتها عن الثوب ، ولم تجدها فيه ، كان يجب عليه غسل الثوب وإعادة الصلاة. ومن ذلك الحديث الدال على أن الحجّام مؤتمن في تطهير موضع الحجامة (٢) ، إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع.
وقد نقل المحدّث الأمين الأسترآبادي في كتاب (الفوائد المدنية) (٣) ، والمحدث السيد نعمة الله الجزائري قدسسرهما عن جملة ممن كان في عصرهم ، أنّهم كانوا لأجل هذه الشبهة يهبون ثيابهم للقصّارين ، أو يبيعونها عليهم ، ثم يشترونها بعد الغسل منهم ؛ مستندين إلى أن الثوب متيقّن النجاسة ، ولا يرتفع حكم يقين النجاسة إلّا بيقين الطهارة ، أو ما قام مقامه من شهادة العدلين ، أو إخبار ذي اليد.
وفيه ـ زيادة على ما عرفت ـ أنه لا ريب أن الحكم المذكور ممّا يعم به البلوى ، فلو كان مضيّقا كما ذكروه ، لظهر فيه أثر عنهم عليهمالسلام. وقد ذكر غير واحد من محققي أصحابنا النافين للبراءة الأصلية أنها في مثل هذا الموضع ممّا يعتمد عليها في الاستدلال كما قدّمنا ذلك في درة البراءة الأصلية (٤) ، بل الظاهر من الأخبار (٥) ما يدل على التوسعة ، والله العالم.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٣ / ٢ ، باب المني والمذي يصيبان الثوب والجسد ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٢٨ ، أبواب النجاسات ، ب ١٨ ، ح ١.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٣٤٩ / ١٠٣١ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٩٩ أبواب النجاسات ، ب ٥٦ ، ح ١.
(٣) الفوائد المدنيّة : ١٤٩.
(٤) انظر الدرر ١ : ١٥٥ ـ ١٨٦ / الدرة : ٦.
(٥) الكافي ٦ : ٢٩٧ / ٢ ، باب نوادر الأطعمة ، تهذيب الأحكام ٩ : ١٠٠ / ٤٣٢ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٩٣ ، أبواب النجاسات والأواني والجلود ، ب ٥٠ ، ح ٢.