حطام الدنيا وحرامها ، ويمنعون الحق أهله ويجعلونه لغير أهله ، فاتخذ الناس رؤساء جهالا ، فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا.
وقال أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ : يا معشر شيعتنا المنتحلين مودّتنا ، إياكم وأصحاب الرأي ، فإنهم أعداء السّنن ، تفلتت (١) منهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعيتهم السنّة أن يعوها ، فاتخذوا عباد الله خولا وماله دولا ، فذلت لهم الرقاب ، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب ، ونازعوا الحق أهله ، وتمثلوا بالأئمة الصادقين ، وهم من الكفار والملاعين ، فسئلوا [عما لا يعلمون] فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون ، فعارضوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا. أما لو كان الدين بالقياس ، لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما.
وقال الرضا عليهالسلام : قال علي بن الحسين عليهماالسلام : إذا رأيتم الرجل» (٢) الحديث ، إلى آخره. وهو كما ترى صريح فيما قلناه ، ونص فيما ادّعيناه.
وها نحن نبسط لك جملة من الأخبار ، وكلام علمائنا الأبرار في بيان ما يجب أن يكون عليه النائب عنهم عليهمالسلام من الصفات الموافقة لما دل عليه الخبر المذكور ؛ ليظهر لك ما في كلام الرادّ له والمستبعد لما دلّ عليه من البعد والقصور ، فنقول : روى شيخنا ثقة الإسلام قدسسره في (الكافي) بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ أنه كان يقول : «يا طالب العلم ، إن العلم ذو فضائل كثيرة ؛ فرأسه التواضع ، وعينه البراءة من الحسد ، واذنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النيّة ، وعقله معرفة الأشياء والامور ، ويده الرحمة ، ورجله زيارة
__________________
(١) في «ح» بعدها : فلتة خلاص الدابّة من المربط.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٥٢ ـ ٥٣ ، وقوله : «وقال الرضا عليهالسلام ..» ليس في موضعه منه ، بل ورد فيه في أوّل الرواية ؛ حيث إن الرواية بأكملها ينقلها العسكري عن الرضا عليهماالسلام.