بحيث يعدّ الطالب عرفا من جملة طلبتها ، ومشتغلا بها. وتلك العلوم هي المعدة لسلوك سبيل الحقّ ، والوصول إلى الغاية من الكمال ، كالعلوم الإلهية ، والأحكام النبوية ، وعلم الأخلاق وأحوال المعاد ومقدماتها) (١) انتهى.
قال الإمام الغزالي في العلم المتعلق بأحوال القلب : (هو فرض [عين] في فتوى علماء الآخرة ، والمعرض عنها هالك بسطوة ملك الملوك في الآخرة ، كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة هالك بسيف سلاطين (٢) الدنيا بحكم فتوى فقهاء الدنيا. فنظر الفقهاء في فروض العين بالإضافة إلى صلاح الدنيا ، وهذا بالإضافة إلى صلاح الآخرة. ولو سئل فقيه عن معنى الإخلاص والتوكل وعن وجه الاحتراز عن الرياء مثلا ، لتوقف فيه مع أنه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه في الآخرة. ولو سئل عن الظهار واللعان والسبق والرمي (٣) مثلا ، لسرد مجلدات من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج إلى شيء منها ، فلا يزال يتعب فيه ليلا ونهارا في حفظه ودرسه ، ويغفل عما هو مهم في نفسه في الدين ، ويزعم أنه مشتغل بعلم الدين ويلبس (٤) على نفسه وعلى غيره.
والفطن يعلم [أنه لو كان] (٥) غرضه أداء الحق في فرض الكفاية (٦) ، لقدم فرض العين ، بل غرضه تيسّر الوصول به إلى توليته الأوقاف والوصايا ، وحيازة أموال الأيتام ، وتقلد القضاء والحكومة ، والتقدم على الأقران ، والغلبة على الخصوم.
هيهات قد اندرس علم الدين بتلبيس علماء السوء ، وإليه المستعان وإليه اللياذ
__________________
(١) شرح الكافي ٢ : ١٦.
(٢) بسيف سلاطين ، من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : بسلاطين.
(٣) في «ح» : الرماية.
(٤) في «ح» : يلتبس.
(٥) من الإحياء ، وفي «ح» أن ، وفي «ق» وشرح المازندراني : أن ليس.
(٦) في النسختين بعدها : وإلّا.