عادلا فهيما ذكيّا ثابتا (١) ساكنا متواضعا ، رقيقا رفيقا ، حبيبا سليما ، صبورا شكورا قنوعا ورعا وقورا ، عفوّا مؤثرا مسامحا ، صديقا وفيّا شفيقا مكافئا متودّدا ، متوكلا عابدا زاهدا موقنا ، محسنا بارا قابضا ، لجميع أسباب الاتصال بالحق ، مجتنبا عن جميع أسباب الانقطاع عنه. فمن اتصف بهذه الفضائل وانقطع عن أضدادها من الرذائل وقعت الألفة بين عقله ونفسه وقواه ، فيصير كل ما فيه نورا إلهيا ، ويحصل لاجتماع هذه الأنوار هيئة نورانية يشاهد بها ما في عالم [الملك و] الملكوت ، وينتظم بها نظام أحواله ، ويستحق الخلافة الإلهية ، والرئاسة البشرية في عباده وبلاده ، ووجب عليهم الرجوع إليه في امور الدين والدنيا ، وأخذ العلوم منه والتسليم لأمره ونهيه والاتّباع لقوله وفعله. ومن لم يبلغ هذه الدرجة ولم ينزل في هذه المنزلة والمرتبة وتقلد (٢) الرئاسة ، فهو من الجبت والطاغوت) (٣) انتهى.
أقول : انظر أيدك الله تعالى إلى ما في هذا الكلام من الصراحة فيما ادعيناه في المقام ، وما يشترط في ذلك النائب عن الإمام عليهالسلام ممّا لا يكاد يوجد إلّا في نوادر الأيام. وروي في (الكافي) أيضا في باب مجالسة العلماء وصحبتهم بسنده إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قال الحواريون : يا روح الله ، من نجالس؟
قال : من تذكّركم الله رؤيته ، ويزيد في علمكم منطقه ، ويرغبكم في الآخرة عمله» (٤).
قال الشارح المتقدم ذكره في شرح الفقرة الاولى : «يذكركم الله رؤيته» : (لصفاء ذاته ، وضياء صفاته ، وحياء وجهه ، وسيماء جبهته ، ولواء زهادته ، وبهاء عبادته).
وقال في شرح قوله : «ويزيد في علمكم منطقه» : (أي كلامه ونطقه في العلوم
__________________
(١) في «ح» بعدها : متوكلا.
(٢) في «ح» بعدها : أمر.
(٣) شرح الكافي ٢ : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٤) الكافي ١ : ٣٩ / ٣.