الحقيقية والمعارف الإلهية والأحكام الشرعية والآداب النفسية والأخلاق القلبية وسائر الكمالات البشرية).
وقال في شرح قوله : «ويرغبكم في الآخرة عمله» : (الدال على إقباله إلى الامور الاخروية ، وإعراضه عن الشواغل الدنيوية ؛ فإن رؤية الأعمال الصالحة والأفعال الفاضلة والعبادات الكاملة تؤثر في نفس الرائي تأثيرا عظيما ، حتى ينفض عنها غبار الشهوات ، وينقض منها خمار الغفلات ، ويبعثها على الأعمال الموجبة للارتقاء على معارج القدس والارتواء بزلال الانس. فقد ذكر لمن ينبغي مجالسته ثلاثة أوصاف هي أمهات جميع الصفات المرضية ؛ إذ هي مشتملة عليها كاشتمال المجمل على المفصّل. وفيه إشعار بأن من لم يكن فيه هذه الصفات أو كان فيه أضدادها لا ينبغي المجالسة معه ، بل الفرار والاعتزال عنه لازم. فإن مجالسته تميت القلب وتفسد الدين ، وتورث النفس ملكات مهلكة ومؤدية إلى الخسران المبين) (١) انتهى.
وقال قدسسره أيضا ـ في شرح قوله عليهالسلام : «العلماء امناء» ـ : (الأمين هو المعتمد عليه ، الموثوق به فيما فوض أمره إليه (٢). والعلماء امناء الله في بلاده وعباده ، وكتابه ودينه ، وحلاله وحرامه ، وناسخه ومنسوخه ورخصه وعزائمه ، وعامّه وخاصّه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومجمله ومفصله ، ومطلقه ومقيّدة ، وعبره وأمثاله ؛ لكونهم حملة لكتابه وخزنة لأسراره وحفظة لأحكامه ، منحهم الله تعالى ذلك ، وأعطاهم هذه المنزلة الشريفة التي هي الخلافة العظمى والرئاسة الكبرى ، ليجذبوا العقول الناقصة من تيه الضلال إلى جناب حضرته ، ويخلصوا الخلائق عما التفتوا إليه من اتّباع الشهوات الباطلة واقتناء اللذات الزائلة ، ويبعثوهم على أداء ما خلقوا لأجله).
__________________
(١) شرح الكافي ٢ : ١١٦ ـ ١١٧.
(٢) في «ح» : إليه أمره.