إلى أن قال : (فمن حصل له صور المعقولات الكلية ، وملكة الاقتدار بها على الإدراكات الجزئية ، وجعلها وسيلة لاكتساب الزخارف الدنية الدنياوية بالتسويلات النفسانية والتدليسات الشيطانية ، ولم يتصف بفضيلة الديانة والأمانة ، وعزل نفسه عن السلطنة (١) والخلافة وترك تعليم الناس وإخراجهم من الضلالة والجهالة ، فهو ليس بعالم بالشريعة في الحقيقة ، بل هو عالم خائن مفتون ، والجاهل خير منه) (٢) انتهى.
وبالجملة ، فإنه لما كان علم الأخلاق وتحلية النفس بالفضائل وتخليتها من الرذائل أحد أفراد العلوم ، بل هو أصلها وأساسها الذي عليه مدارها ، وبه قرارها ـ وقد عرفت من الأخبار أن من جملة العلماء من هو خال من تلك العلوم ، أو متّصف بأضدادها مع تلبسه بلباس العلماء الأبرار ، وإظهاره الخشوع والخضوع (٣) ، والزهد والانكسار ، وقد تضمنت الأخبار الحث والتأكيد على المنع من الركون إلى هؤلاء ، والانخداع بما يظهرونه والاغترار ـ فالواجب حينئذ هو الفحص والبحث والتفتيش عن أحوال العلماء ، والتمييز بين الفسقة منهم والأبرار ، كما نص عليه الخبر المشار إليه وغيره في هذا المضمار.
وأيضا فإنه لا تحقق لنيابة هذا العالم وصحة تقليده ومتابعته إلّا بوجود شروطها ، ومن جملتها العلم باتّصافه تلك الصفات الجليلة ، وتخلّيه عن كل منقصة ورذيلة كما عرفته من الأخبار ، والأخبار التي دلّت على الاكتفاء في العدالة بحسن الظاهر كما هو الأظهر ، أو الإسلام كما هو القول الآخر موردها الشهادة والإمامة ، ولا دلالة في شيء منها على التعرض للنائب عنهم عليهمالسلام. كما لا
__________________
(١) في «ح» : السلطة.
(٢) شرح الكافي ٢ : ٣٦ ـ ٣٧.
(٣) في «ح» : الخضوع والخشوع ، بدل : الخشوع والخضوع.