الدنيا». قيل : يا رسول الله ، وما دخولهم في الدنيا؟ قال : اتّباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم» (١).
والظاهر أن المراد بقوله : «اتّباع السلطان» ، أي حب الأمارة والسلطنة والكبر والرئاسة ، كما يشير إليه الخبر الذي بعده ، وهذا هو الداء الدفين الذي لا ينجو منه إلّا من عصمه الله تعالى ، (وَقَلِيلٌ ما هُمْ). وعنه صلىاللهعليهوآله أنه قال لأصحابه : «تعلموا العلم ، وتعلموا له (٢) السكينة والحلم ، ولا تكونوا من (٣) جبابرة العلماء ، فلا يقوم علمكم بجهلكم» (٤).
وعن عيسى ـ على نبينا وعليه الصلاة والسّلام ـ أنه قال : «مثل علماء السوء مثل الصخرة وقعت في فم النهر لا هي تشرب الماء ولا هي تترك الماء ليخلص إلى الزرع» (٥).
إلى غير ذلك من الأخبار الواضحة المنار ، الناعية على العلماء بما فيهم من شرب الأكدار والخروج عن طاعة العزيز الجبار ، وعدم موافقة العمل لما علموه ، والاغترار بالدنيا.
وحينئذ ، فكيف يجوز الاقتداء بهم بمجرد اتّصافهم بالعلم من غير العمل باقترانه بالعمل الموجب لنجاته في نفسه من الزلل والخطل؟ ولا ريب أن مرتكب المعصية ـ ولا سيما إذا كان ممن تنعى عليه معصيته ، ويعان بها بين الناس ، ويخالف لما هو عليه من ذي اللباس ، وتكون سببا لنقصه من أعين الناظرين وانحطاط رتب القاصرين ـ لا يدخل فيها ولا يرتكبها مجاهرة ، ولا على وجه تنعى عليه وإنما يتلبس بها على وجه لا يشعر به إلّا الفطن اللبيب ، والموفق
__________________
(١) الكافي ١ : ٤٦ / ٥ ، باب المستأكل بعلمه والمباهي به.
(٢) في المصدر : للعلم.
(٣) ليست في المصدر.
(٤) بحار الأنوار ٢ : ٣٧ / ٤٩.
(٥) إحياء علوم الدين ١ : ٦٠.