والثناء ، وربما يلبس الشيطان عليهم مع ذلك ويقول لهم : غرضكم نشر دين الله والنضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
والمظهر لهذه المقاصد يتبين عند ظهور أحد من الأقران أكثر علما منه وأحسن حالا بحيث يصرف الناس عنه ، فلينظر حينئذ فإن كان حاله مع الموقّر له والمعتقد لفضله أحسن ، وهو له أكثر احتراما وبلقائه أشدّ استبشارا ممّن يميل إلى غيره ، مع كون ذلك الغير مستحقا للموالاة ، فهو مغرور ، وعن دينه (١) مخدوع ، وهو لا يدري كيف ، وربما انتهى الأمر بأهل العلم إلى أن يتغايروا تغاير النساء ، فيشق على أحدهم [أن] يختلف بعض تلامذته إلى غيره وإن كان يعلم أنه منتفع بغيره ومستفيد منه في دينه. هذا رشح الصفات المهلكة المستكنة في سر القلب التي يظن العالم النجاة منها ، وهو مغرور في ذلك ، وإنما ينكشف بهذه العلامات ونحوها ، ولو كان الباعث له على العلم هو الدين لكان إذا ظهر غيره شريكا أو مستبدّا أو معينا على التعليم لشكر الله ، إذ كفاه وأعانه على هذا المهمّ بغيره وكثّر أوتاد الأرض ومرشدي (٢) الخلق ومعلميهم (٣) دين الله تعالى ومحيي سنن المرسلين) (٤).
ثم أطال في ذلك المقال إلى أن قال : (وبالجملة ، فمعرفة حقيقة الإخلاص والعمل به بحر عميق يغرق فيه الجميع الشاذ النادر المستثنى [في] (٥) قوله تعالى : (إِلّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٦). فليكن العبد شديد التفقد والمراقبة لهذه الدقائق ، وإلّا التحقق بأتباع الشياطين ، وهو لا يشعر) (٧) انتهى.
__________________
(١) في «ح» : عن ذنبه ، بدل : وعن دينه.
(٢) في «ح» : مرشد.
(٣) في «ح» : معلمهم.
(٤) منية المريد : ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٥) من المصدر ، وفي النسختين : من.
(٦) الحجر : ٤٠ ، ص : ٨٣.
(٧) منية المريد : ١٤٦.