وعن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «أوحى الله إلى بعض الأنبياء : قل للذين يتفقهون لغير الدين ، [ويتعلّمون] (١) لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة ، ويلبسون للناس ، قلوبهم كقلوب الذئاب ، وألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم أمرّ من الصبر : إياي تخادعون ، وبي تستهزءون؟ لأفتحن لهم فتنة تذر الحليم حيران») (٢) انتهى.
وفي كتاب (مصباح الشريعة) عن الصادق عليهالسلام أنه قال : «العالم حقا هو الذي تنطق عنه أعماله الصالحة وأوراده الزاكية وصدقه وتقواه ، لا لسانه وتطاوله في دعواه.
ولقد كان يطلب هذا العلم في غير هذا الزمان من كان فيه عقل ونسك وحكمة وحياء وخشية ، وإنا نرى طالبه اليوم من ليس فيه من ذلك شيء ، والعالم يحتاج إلى عقل ورفق وشفقة ونصح وحلم وصبر وبذل ، والمتعلم يحتاج إلى رغبة وإرادة وفراغ ونسك وخشية وحفظ وحزم» (٣) انتهى.
وقال بعض الأجلّاء في وصف علماء الآخرة : (ومنها أن يكون عنايته بتحصيل العلم النافع في الآخرة المرغب في الطاعة ، مجتنبا للعلوم التي يقل نتجها ويكثر فيها الجدال والقيل والقال ، [فمثال] (٤) من يعرض عن علم الأعمال ، ويشتغل بالجدال ، مثل رجل مريض به علل كثيرة وقد صادف طبيبا حاذقا في وقت ضيّق يخشى فواته ، فاشتغل بالسؤال عن خاصية العقاقير والأدوية وغرائب الطب وترك مهمه الذي هو مؤاخذ به ، وذلك محض السفه. وقد روي أن رجلا جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له : علمني من غرائب العلم. فقال له : «ما صنعت في رأس العلم؟». قال : وما رأس العلم؟ قال صلىاللهعليهوآله : «هل عرفت الرب؟». قال : نعم. قال : «وما صنعت في حقّه؟». قال : ما شاء الله. قال صلىاللهعليهوآله : «هل عرفت الموت؟». قال : نعم.
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : ويعلمون.
(٢) إحياء علوم الدين ١ : ٦١ ـ ٦٢.
(٣) مصباح الشريعة : ١٤ ـ ١٥.
(٤) من المصدر ، وفي المخطوط : فمثل.