بأن الحكم ورد عنهم عليهمالسلام لا الظن أنه حكم الله في الواقع) (١).
ثم أطال في الكلام بما يخرج عن هذا النظام إلى أن قال : (ثم أقول : إن شئت تحقيق المقام بما لا مزيد عليه ، فاستمع لما نتلوه عليك من الكلام ، فنقول : الاختلاف في الفتاوى قسمان :
أحدهما : أن يكون سببه اختلاف ما بلغهم من الروايات. ومن المعلوم أن هذا النوع من الاختلاف لا يؤدي إلى تناقض ؛ لابتناء أحد القولين على ما ورد من باب التقيّة ، كما حققه رئيس الطائفة قدسسره (٢). والاختلافات الواقعة بين قدمائنا الأخباريّين أصحاب الأئمَّة عليهمالسلام من هذا القبيل.
وثانيهما : أن يكون سببه غير ذلك من الاستنباطات الظنيّة. ومن المعلوم أنه لم يرد إذن من الله تعالى في ذلك ، بل تواترت الأخبار عن الأئمَّة الأطهار : «بأن المفتي المخطئ ضامن ويلحقه وزر من عمل بفتياه» (٣).
وقال الله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤).
ومن المعلوم أن كل حكم تحتاج إليه الامّة قد أنزله (٥) الله في كتابه ، لكن لا تبلغه عقول الرجال ، وقد بينه النبيّ صلىاللهعليهوآله لأمّته وبيّنه أمير المؤمنين عليهالسلام كذلك. ومن المعلوم أنه لا اختلاف فيما أنزل (٦) الله تعالى كما مر بيانه سابقا ، فكلّ من اختلف في الفتوى ، ولم يكن سببه ابتناء أحد قوليه على حديث وارد من باب التقيّة يكون حاكما بغير ما أنزل الله.
وأقول : يمكن أن تكون الجماعة التي وقع منها القسم الثاني من الاختلاف ـ
__________________
(١) الفوائد المدنية : ١٥٤ ـ ١٥٥.
(٢) العدة في اصول الفقه ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧.
(٣) الكافي ٧ : ٤٠٩ / ٢ ، باب أن المفتي ضامن.
(٤) المائدة : ٤٤.
(٥) في «ح» : انزل.
(٦) في «ح» : انزله.