فالكلام في الجمع بين هذا الأخبار لا يخلو عن أحد وجوه :
الأول : ما ذكره الشيخ قدسسره في كتابي الأخبار من حمل (١) الأخبار الواردة بالنهي عن تكرار الطلاق بعد الرجعة بدون وطء ، وأن ذلك الطلاق لا يقع ـ على كون ذلك الطلاق للعدة ؛ لأنه كما تقرر مشروط بالرجعة والوطء بعدها (٢) ، وحمل أخبار الجواز على طلاق السنّة بالمعنى الأعمّ (٣). ونسبه المحقق في هذا الجمع إلى التحكم (٤).
قال في (المسالك) ، ووجهه : (أن كلا من الأخبار ورد في الرجل يطلق على الوجه المذكور ، ويجيب الإمام عليهالسلام بالجواز أو النهي من غير استفصال ؛ فيفيد العموم من الطرفين ، ولأن شرط الطلاق العدّي الوطء بعده وبعد الرجعة منه في العدة ، وهاهنا شرط في جواز الطلاق ثانيا سبق الوطء ، وسبقه ليس بشرط في طلاق العدة ، وإنما الشرط تأخره ، فيلزم الشيخ أخذ غير الشرط مكانه).
ثم قال قدسسره : (وللشيخ أن يجيب بأنّ الباعث على الجمع التعارض ، فلا يضره عمومها من الطرفين على تقدير تسليمه ؛ لأن تخصيص العام لأجل الجمع جائز [و] (٥) خير من اطراح أحد الجانبين ، والوطء الذي جعل معتبرا في الطلاق ثانيا يجعل الطلاق السابق عدّيا ، وليس الحكم مختصّا بالطلاق الثاني ، بل بهما معا.
بمعنى أن من اراد طلاق المرأة للعدّة أزيد من مرّة ، فليس له ذلك ولا يتحقّق إلّا بالمراجعة والوطء ، ثم الطلاق ليصير الأوّل طلاق عدّه ، وإذا أراد الطلاق كذلك ثالثا لم يكن له ذلك إلّا بعد المراجعة ، والوطء ليصير الثاني عدّيا أيضا ، وليصير
__________________
(١) من «ح».
(٢) تهذيب الأحكام ٨ : ٤٦ / ذيل الحديث : ١٤٢ ، الاستبصار ٣ : ٢٨٤ / ذيل الحديث : ١٠٠٣.
(٣) تهذيب الأحكام ٨ : ٤٦ / ذيل الحديث : ١٤١ ، الاستبصار ٣ : ٢٨٢ / ذيل الحديث : ٩٩٩.
(٤) شرائع الإسلام ٣ : ١٥.
(٥) من النسخة الحجرية للمسالك : ٢٣.