ولا أترك هذه الفرصة تفوت لأروي قصّة طريفة وقعت لي شخصيّاً مع عالم من علماء أهل السنّة ، التقينا في الطائرة وكنّا من المدعوين لحضور مؤتمر إسلامي في بريطانيا وتحادثنا خلال ساعتين عن الشيعة والسنّة ، وكان من دعاة الوحدة ، وأُعجبت به غير أنّه ساءني قوله : بأنّ على الشيعة الآن أن تترك بعض المعتقدات التي تُسبب اختلاف المسلمين ، والطعن على بعضهم البعض.
وسألته مثل ماذا؟
وأجاب على الفور : مثل المتعة والتقيّة ، وحاولت جهدي إقناعه بأنّ المتعة هي زواج مشروع ، والتقيّة رخصة من الله ، ولكنّه أصرّ على رأيه ولم يقنعه قولي ولا أدلّتي ، مدّعياً أن ما أوردته كلّه صحيح ، ولكن يجب تركه من أجل مصلحة أهم ألا وهي وحدة المسلمين ، واستغربت منه هذا المنطق الذي يأمر بترك أحكام الله من أجل وحدة المسلمين ، وقلت له مجاملة : لو توقّفت وحدة المسلمين على هذا الأمر لكنت أوّل من أجاب.
ونزلنا في مطار لندن وكنتُ أمشي خلفه ولمّا تقدّمنا إلى شرطة المطار سُئل عن سبب قدومه إلى بريطانيا؟ فأجابهم : بأنه جاء للمعالجة ، وأدّعيت أنا بأني جئت لزيارة بعض أصدقائي ، ومررنا بسلام وبدون تعطيل إلى قاعة استلام الحقائب ، عند ذلك همست له : أرأيت كيف أن التقيّة صالحة في كل زمان؟
قال : كيف؟
قلت : لأنّنا كذبنا على الشرطة ، أنا بقولي : جئت لزيارة أصدقائي ، وأنت بقولك : جئت للعلاج ، في حين أنّنا قدمنا للمؤتمر.
إبتسم ، وعرف بأنّه كذب على مسمع منّي فقال : أليس في المؤتمرات الإسلامية علاج لنفوسنا؟ ضحكت قائلا : أو ليس فيها زيارة لإخواننا (١) ؟
__________________
١ ـ مع الصادقين ، الدكتور التيجاني السماوي : ١٨٨.