قلتُ : هذا لا يتطلّب إيقافهم جميعا والصلاة بهم وبدأ الخطبة بقوله : ألستُ أولى بكم من أنفسكم ، لتوضيح معنى المولى ، وإذا كان الأمر كما تقول فكان بإمكانه أن يقول لمن اشتكى منهم عليَّا : « إنّه محبّكم وناصركم » ، وينتهي الأمر بدون أن يحبس في الشمس ، تلك الحشود الهائلة ، وهي أكثر من مائة ألف فيهم الشيوخ والنساء ، فالعاقل لا يقنع بذلك أبدا!
فقال : وهل العاقل يصدّق بأنّ مائة ألف صحابي لم يفهموا ما فهمتَ أنتَ والشيعة؟؟
قلتُ : أولاً لم يكن يسكن المدينة المنوّرة إلاّ قليلٌ منهم.
وثانيا : إنهم فهموا بالضبط ما فهمتُه أنا والشيعة ، ولذلك روى العلماء بأن أبا بكر وعمر كانا من المهنّئين لعلي بقولهم : بخ بخ لك يابن أبي طالب أمسيت وأصبحت مولى كل مؤمن (١).
قال : فلماذا لم يبايعوه إذاً بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ أتراهم عصوا وخالفوا أمر النبيّ؟ أستغفر اللّه من هذا القول!
قلتُ : إذا كان العلماء من أهل السنّة يشهدون في كتبهم بأنّ بعضهم ـ أعني من الصحابة ـ كانوا يخالفون أوامر النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلمـ في حياته وبحضرته (٢)، فلا
__________________
١ ـ راجع : مسند أحمد بن حنبل : ٤/٢٨١ ، المصنف ، ابن أبي شيبة : ٧/٥٠٣ ح ٥٥ ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر : ٤٢/٢٢١ ، البداية والنهاية ، ابن كثير : ٥/٢٢٩ ، ذخائر العقبى ، الطبري : ٦٧.
٢ ـ فقد اخرج البخاري في صحيحه ، ومسلم أيضاً عدة مخالفات لهم ، كما في صلح الحديبية ، وكما في مرض رسول الله 6 وهي رزية يوم الخميس كما يسميها ابن عبّاس وغير ذلك من المخالفات وخير من كتب في هذا الموضوع هو الحجّة السيد شرف الدين العاملي 1 فراجع كتابه القيم ( النص والاجتهاد ) فإنه استقصى الكثير من المواضع التي خولف فيها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.