غرابة في ترك أوامره بعد وفاته ، وإذا كان أغلبهم يطعنُ في تأميره أسامة بن زيد لصغر سنّه ، رغم أنها سريّة محدودة ولمدّة قصيرة فكيف يقبلون تأمير عليّ عليهالسلام على صغر سنّه ولمدّة الحياة ، وللخلافة المطلقة؟ ولقد شهِدتَ أنتَ بنفسك بأن بعضهم كان يبغض عليَّا عليهالسلام ويحقد عليه!!
أجابني متحرّجا : لو كان الإمام على ـ كرّم اللّه وجهه ورضي اللّه عنه ـ يعلَمُ أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم استخلفه ، ما كان ليسكتَ عن حقّه! وهو الشجاع الذي لا يخشى أحدا ويهابه كل الصحابة.
قلتُ : سيدي هذا موضوع آخر لا أريد الخوض فيه ، لأنك لم تقتنع بالأحاديث النبوية الصحيحة ، وتحاول تأويلها وصرفها عن معناها حفاظا على كرامة السلف الصالح ، فكيف أُقنعك بسكوت الإمام على عليهالسلام أو باحتجاجه عليهم بحقّه في الخلافة؟
ابتسم الرّجل قائلاً : أنا واللّه من الذين يفضّلون سيدنا عليّا ـ كرّم اللّه وجهه ـ على غيره ، ولو كان الأمر بيدي لما قدّمتُ عليه أحدا من الصحابة ، لأنه باب مدينة العلم ، وهو أسد اللّه الغالب ، ولكن مشيئة اللّه سبحانه ، هو الذي يقدّم من يشاء ويؤخّر من يشاء ، ( لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (١).
ابتسمتُ بدوري له ، وقلتُ : وهذا أيضا موضوع آخر يجرّنا للحديث عن القضاء والقدر ، وقد سبق لنا أن تحدّثنا فيه وبقي كلٌ منّا على رأيه ، وإنّي لأعجب يا سيدي لماذا كلّما تحدثتُ مع عالم من علماء أهل السنّة وأفحمته بالحجّة سرعان ما يتهرّب من الموضوع إلى موضوع آخر لا علاقة له بالبحث الذي نحن
__________________
١ ـ سورة الأنبياء ، الآية : ٢٣.