ثم إسمع محادثته مع الفرات ، وتصوير خياله لتحكم بأن هذه القصيدة لا تقل روعة عن قصيدة قيلت في طريف :
إذا كان ساقي الناس في الحشر حيدر |
|
فساقي عطاشى كربلاء أبو الفضل |
على أن ساقي الناس في الحشر قلبه |
|
مريع وهذا بالظما قلبه يغلي |
وقفت على ماء الفرات ولم أزل |
|
أقول له والقول يحسنه مثلي |
علامك تجري لا جريت لوارد |
|
وأدركت يوما بعض عارك بالغسل |
أما نشفت أكباد آل محمد |
|
لهيبا وما إبتلت بعل ولا نهل |
من الحق إن تذوي غصونك ذبلا |
|
أسا وحياء من شفاههم الذبل |
فقال أن إستمع للقول إن كنت سامعا |
|
وكن قابلا عذري ولا تكثرن عذلي |
ألا إن ذا دمعي الذي أنت ناظر |
|
غدات جعلت النوح بعدهم شغلي |
برغمي أرى مائي يلذ سواه |
|
به وهم صرعى على عطش حولي |
ثم ينتقل إلى رثاء العباس عليهالسلام ، وبعده يرجع إلى نفسه متأثرا ، مفكرا بالواقعة وما أدراك ما الواقعة ، فيقول في قصيدة يجيب من يلومه على إستمرار البكاء ودوامه فيقول :
سأبكيهم وإن لم تسعديني |
|
بثينة في البكا خلي ملامي |
إذا ذكر الحسين فأي عين |
|
تصون دموعها صون إحتشام؟ |
دعا فأجابه نفر يسير |
|
قليلهم كثير في الزحام |
أولئك صفوة الجبار حقا |
|
لهم سمت العلى أعلى مقام |
ثم ينبئنا بعد هذا بما يشفي غليله ، ويبرد أوراده ، فيقول فيها :
فما لي والسياط لها صرير |
|
بمتني غير مخفور ذمامي |
فلا والله لا يشفي غليلي |
|
سوى قرع الحسام على الحسام |
ثم هو كما شأن جميع هذه الطائفة ، لا يلذ لهم بل لا يقر لهم قرار ، ولا يرتاح لهم ضمير ، ولا يطمئنون بقصيدة أو عمل تعبدي إلا في ظلال دولة تاجها معقود على نبعة هاشمية من سلالة الهادي ألأمين ، وعند ذلك يحبب عندهم السلام ويطيب ، فيقول :
سلامي يا بني الهادي عليكم |
|
عليكم يا بني الهادي سلامي |