تقديم
بسم ألله ، والحمد لله ، والصلاة على محمد رسول ألله وعلي أبي عبدالله الحسين طيب ألله ثراه وعلى تابعه بإحسان ومن والاه ، وعلى آل بيته وأنصاره ومن إقتفى نهجه وهداه.
أما بعد : فإنه لمن عظيم الشرف أن يحظى إمرؤ بوقفة طاهرة على أثر أدبي يتناول صفوة الخلق ، ويشيد بسراج يظل متقدا بخضرة ألأرض وإشراق السماوات ، وعلم جدلي خرت دونه الرواسي الشوامخ ، وقد زادني غبطة ما كلفني به المركز الحسيني للدراسات (لندن) من تقديم لديوان الشاعر ألألمعي الشيخ محسن أبو الحب (الجد) المتوفى سنة ١٣٠٥ هـ (١٨٨٧ م) ، فجعلت هذا التكليف ، تشريفا لي ، بغية نيل رضا الحق ، وإلتماسا لشفاعة نبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وآل بيته البررة الطاهرين ، ولم تمض سوى سويعات قليلة من حديثنا حتى سارعت إلى الديوان ، وفي القلب شغف يتقد ، وملء الروح خواطر ظمأى تريد الرواء ، كأن ألأثر الشعري دوحة وارفة الظلال ، دانية القطوف ، وردية ألآفاق ، مفعمة بالإيحاء ، عميقة ألأسرار ، شجية ألأنغام ، كسيرة الوجدان ، تبعث في الدارس نشوة الدرس ، وفي القارئ لذة الكشف عبر مسافات القراءة المفتوحة على ذاكرة الزمن ، كان البيت الواحد منه يفتح لي نوافذ مسيجة بالظلمة ، أرحب ما تطل عليه عيناك جراحنا المنسية في الرفوف ، وأغرب ما يشد إنتباهك غبار قاتم يكاد يحجب الشمس في غسق بهيم ، تلك هي الحقيقة التي لبست سبات غروبها فلم يوقظها طالع من الشرق ، ولعل هذا المخطوط الذي بعث من مرقده قبس قد يشع في عتمات الطريق المدلهم بالخطوب ، ويجلي بصفحاته المشرقة أفقا غائما ،