الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضىء (أصل) معدّ ، وجعلنا حضنة بيته ، وسوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس.
ثم إن هذا ابن أخى محمد بن عبد الله من لا يوزن به فتى من قريش إلا رجح به ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل.
وتخصيص هذه المنة بالعرب مع أنه بعث للناس كافة لمزيد انتفاعهم به ، على أن هذه النعمة الكبرى ذكرت فى آيات أخرى كقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ).
(٢) إنه يتلو عليهم آياته الدالة على قدرة الله ووحدانيته وعلمه ، ويوجه النفوس إلى الاستفادة منها ، والاعتبار بها كما جاء فى قوله : «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ» وقوله «وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها» وقوله «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ، وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ، وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ».
(٣) إنه يزكيهم ويطهرهم من العقائد الزائفة ، ووساوس الوثنية وأدرانها إذ أن العرب وغيرهم قبل الإسلام كانوا فوضى فى أخلاقهم وعقائدهم وآدابهم ، فكان محمد صلى الله عليه وسلم يقتلع منهم جذور الوثنية ، ويدفع عنهم العقائد الباطلة كاعتقادهم أن وراء الأسباب الطبيعية التي ارتبطت بها المسببات منافع ترجى ، ومضارّ تخشى من بعض المخلوقات ، فيجب تعظيمها والالتجاء إليها ، دفعا لشرها ، وجلبا لخيرها ، وتقربا إلى خالقها.
ولا شك أن من يعتقد مثل هذا يكون أسير الأوهام ، وعبد الخرافات ، يخاف فى موضع الأمن ، ويرجو حيث يجب الحذر والخوف.
(٤) إنه يعلمهم الكتاب والحكمة ، فتعليم الكتاب اضطرهم إلى تعلم الكتابة ،