السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ» وقال : «أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟» وقال : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ؟».
والخلاصة ـ إن ترك عقاب أمثالكم مساواة بين المحسن والمسيء ووضع للشىء فى غير موضعه ، وهو ظلم كبير لا يصدر إلا ممن كان كثير الظلم مبالغا فيه.
(الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) قال ابن عباس : نزلت هذه الآية فى كعب بن الأشرف ومالك بن الصّيف وفنحاص ابن عازوراء فى جماعة آخرين ، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد تزعم أنك رسول الله ، وأنه تعالى أوحى إليك كتابا ، وقد عهد إلينا فى التوراة ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، ويكون للنار دوىّ خفيف حين تنزل من السماء فإن جئتنا بهذا صدقناك ، فنزلت الآية.
وروى ابن جرير أن الرجل منهم كان يتصدق بالصدقة ، فإذا تقبّل منه نزلت عليه نار من السماء فأكلت ما نصدق به.
لكن دعواهم هذا العهد من مفترياتهم وأباطيلهم ، وأكل النار للقربان لم يوجب الإيمان إلا لكونه معجزة ، فهو وسائر المعجزات سواء ، وما مقصدهم من تلك المفتريات إلا عدم الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لم يأت بما قالوه ، ولو أتى به لآمنوا فرد الله عليهم بقوله :
(قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ ، فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟) أي قل موبخالهم ومكذبا : قد جاءكم رسل كثيرون من قبلى كزكريا ويحيى وغيرهما بالمعجزات الدالة على صدق نبوتهم ، وبما كنتم تقترحون وتطلبون ، وأتوا بالقربان الذي تأكله النار ، فما بالكم لم تؤمنوا بهم ، بل اجترأتم على قتلهم؟