(٢) أن يكون عالما بحال من توجه إليهم الدعوة فى شئونهم واستعدادهم وطباعهم وأخلاقهم ، أي معرفة أحوالهم الاجتماعية.
(٣) أن يكون عالما بلغة الأمة التي يراد دعوتها ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بتعلم العبرية لحاجته إلى محاورة اليهود الذين كانوا يجاورونه ، ومعرفة حقيقة حالهم.
(٤) معرفة الملل والنحل ومذاهب الأمم ، وبذلك يتيسر له معرفة ما فيها من باطل ، فإن الإنسان إن لم يتبين له بطلان ما هو عليه ، لا يلتفت إلى الحق الذي عليه غيره وإن دعاه إليه.
وعلى الجملة فلا يقوم بهذه الدعوة إلا خواص الأمة العارفون بأسرار الأحكام ، وحكمة التشريع وفقهه ، وهم الذين أشار إليهم الكتاب الكريم بقوله : «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».
وهؤلاء يقومون بتطبيق أحكام الله تعالى على مصالح العباد فى كل زمان ومكان على مقدار علمهم فى المساجد والمعابد والمنتديات العامة ، وفى المحافل عند سنوح الفرصة.
فإذا هم فعلوا ذلك كثر فى الأمة الخير ، وندر فيها وقوع الشر ، وائتلفت قلوب أهليها ، وتواصوا بالحق ، وتواصوا بالصبر ، وسعدوا فى دنياهم وآخرتهم.
وأمة هذه حالها تسود غيرها من الأمم باجتماع كلمتها ، واتفاق أهوائها ، إذ لا مطمح لها إلا رفعة شأن دينها ، وعزة أبنائها ، وسيادتها العالم كله.
ولن يتم ذلك إلا إذا أعد أهلها للأمر عدّته ، وكمّلوا أنفسهم بالمعارف والعلوم التي تحتاج إليها الأمم التي تبغى السعادة والرقىّ ، وتختلقوا بفاضل الأخلاق ، وحميد الصفات ، حتى يكونوا مثلا عليا تحتذى ، ويشار إليهم بالبنان وإن ما أودع فى ديننا من هذا ، وما خلّفه لنا السلف الصالح من الكنوز والثروة العلمية ، فيه غنية