صلى الله عليه وسلم ، ويجئكم المشركون من ساعتهم هذه ـ يمدكم بخمسة آلاف من الملائكة ، ليعجل نصركم ، ويسهل فتحكم.
قال ابن جرير : وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال للمؤمنين : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة ، ثم وعدهم بعد الثلاثة. الآلاف بخمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم واتقوا ، ولا دلالة فى الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة الآلاف ، ولا بالخمسة الآلاف ، ولا على أنهم لم يمدوا بهم ، وقد يجوز أن يكون الله أمدهم على نحو ما رواه الذين أثبتوا أن الله أمدهم ، وقد يجوز أن يكون الله لم يمدهم على نحو الذي ذكره من أنكر ذلك ، ولا خبر عندنا صح من الوجه الذي يثبت أنهم أمدوا بالثلاثة الآلاف ، ولا بالخمسة الآلاف ، وغير جائز أن يقال فى ذلك قول إلا بخبر تقوم الحجة به ، ولا خبر فنسلم لأحد الفريقين قوله :
غير أن فى القرآن دلالة على أنهم قد أمدوا يوم بدر بألف من الملائكة ، وذلك قوله : «إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ».
أما فى أحد فالدلالة على أنهم لم يمدّوا أبين منها فى أنهم أمدّوا ، وذلك أنهم لو أمدوا لم يهزموا وينل منهم ما نيل اه.
والإمداد بالملائكة يصح أن يكون من قبيل الإمداد بالمال الذي يزيد فى قوة القوم ، وأن يكون من الإمداد بالأشخاص الذين ينتفع بهم ولو نفعا معنويا ، وذلك أن الملائكة أرواح تلابس النفوس فتمدها بالإلهامات الصالحات التي تثبّتها وتقوى عزيمتها.
(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) قال الزجاج : وما جعل الله ذكر المدد إلا بشرى اه.
يعنى وما جعل الله ذلك القول الذي قاله الرسول لكم (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) الآية