الخضوع والاستسلام للخصم ليفعل ما يريد ، والصبر : احتمال الشدائد ومعاناة المكاره ، والإسراف فى كل شىء : مجاوزة الحد فيه كما قال : «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا» وثبت أقدامنا أي حين جهاد أعدائك بتقوية قلوبنا وإزالة الخواطر الفاسدة من صدورنا.
المعنى الجملي
لا يزال الحديث مع من شهد أحدا من المؤمنين ، فقد أرشدهم الله فى الآيات السالفة إلى أنه لا ينبغى لهم أن يحزنوا أو يضعفوا ، وأن ما أصابهم من المحنة والبلاء جار على سنن الله فى خليقته من مداولة الأيام بين الناس ، وفيه تمحيص لأهل الحق فإن الشدائد محكّ الأخلاق ، وفيه هدى وإرشاد وتسلية للمؤمنين حتى يتربوا على الصفات التي ينالون بها الفوز والظفر فى جميع أعمالهم.
وهنا أبان لهم أن سبيل السعادة فى الآخرة منوط بالصبر والجهاد فى سبيل الله ، كما أن طريق السعادة فى الدنيا يكون بإقامة الحق وسلوك طريق الإنصاف والعدل بين الناس ، فسنة الله هنا كسنته هناك.
الإيضاح
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) أي هل جريتم على تلك السنن؟ هل تدبرتم تلك الحكم؟ أم ظننتم أنكم تدخلون الجنة وأنتم لم تقوموا بالجهاد فى سبيله حق القيام ، ولم تتمكن صفة الصبر من نفوسكم تمام التمكن ، ولا سبيل إلى دخولها إلا بعد التحلي بهما.
وإنكم لو قمتم بذلك لعلمه الله تعالى منكم وجازاكم عليه بالنصر والفوز فى هذه الغزوة كما يجازيكم فى الآخرة بدخول الجنة.
وقال أبو مسلم الأصفهانى فى (أَمْ حَسِبْتُمْ) إنه نهى وقع بحرف الاستفهام الذي يأتى للتبكيت.