الناس فى شأن البعث والقيامة فرقتين : فرقة به ؛ وأخرى كافرة ، فحزن الملك لذلك حزنا شديدا ، وضرع إلى الله أن يرى الناس آية يرشدهم بها إلى أن الساعة آتية لا ريب فيها ، وقد خطر إذ ذاك ببال راع يسمى (أولياس) أن يهدم باب الكهف ويبنى به حظيرة لغنمه ، فلما هدمه استيقظوا جميعا فجلسوا مستبشرين ، وقاموا يصلون ، ثم قال بعضهم لبعض : كم لبثتم نياما؟ قال بعضهم : لبثنا يوما أو بعض يوم ، وقال آخرون ربكم أعلم بما لبثتم ، فابعثوا أحدكم بورقكم (الورق الفضة) هذه إلى المدينة ، فلينظر أيها أزكى طعاما وليحضر لنا جانبا منه ، فذهب تمليخا كما اعتاد من قبل ، ليشترى لهم الطعام وهو متلطّف فى السؤال مختف حذرا من دقيانوس.
وبينما هو ماش سمع اسم المسيح ينادى به فى كل مكان ، فحدّث نفسه وقال : عجبا لم لم يذبح دقيانوس هؤلاء المؤمنين؟ وبقي حائرا دهشا وقال : ربما أكون فى حلم أو لعل هذه ليست مدينتنا ، فسأل رجلا ما اسم هذه المدينة ، قال (أفسوس) وفى آخر مطافه تقدم إلى رجل فأعطاه ورقا ليشترى به طعامه ، فدهش الرجل من نوع هذا النقد الذي لم يره من قبل ، وأخذ يقلّبه ويعطيه إلى جبرته ، وهم يعجبون منه ويقولون له : أهذا من كنز عثرت عليه ، فإن هذه الدراهم من عهد دقيانوس ، وقد مضت عليه حقبة طويلة ثم أخذوه وقادوه إلى حاكمى المدينة ، فظن فى بادىء الأمر أنهم ساقوه إلى دقيانوس ، ولكن لما عرف أنه لم يؤت به إليه زال عنه الكرب ، وجفت مدامعه ، ثم سأله حاكما المدينة وهما أريوس وطنطيوس : أين الكنز الذي وجدت يافتى؟ وبعد حوار بينه وبينهما ذكر لهما خبر الفتية ودقيانوس وأن حديثهما كان أمس ؛ وإن كان لديكما ريب من أمرى فها هو ذا الكهف فاذهبا معى لتريا صدق ما أقول ، فسارا معه حتى وصلا إلى باب الكهف ، وتقدمهما تمليخا فأخبرهما بالحديث كله ، فداخلهما العجب حين علما أنهم ناموا تسعا وثلاثمائة سنة ، وأنهم أوقظوا ليكونوا آية للناس.