من يشاء بحكمته وعدله ، فإنه سبحانه وعد بإثابة المطيع ، وتعذيب العاصي ، بمقدار جرمه من غير زيادة ، وإنه قد يغفر له ما سوى الكفر ، ومن ثم لا يعذب أحدا بما لم يعمله ولا ينقص ثواب ما عمله مما أمر به وارتضاه ، ولا يزيد فى عقابه الملائم لعمله الذي نهى عنه ولم يرتضه.
ونحو الآية قوله «إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً» وقوله «وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ».
وخلاصة ذلك ـ إن الجزاء نتيجة العمل ، والعمل مرسوم فى قوالب حافظة له ، فليس يمكن رفعه ولا دفعه ، ولا يكون الجزاء عليه ظلما ، كما لا تعد التّخمة بعد الأكل الكثير ظلما ، ولا المرض بعد الشرب من الماء الآسن المملوء بالجراثيم والأدران ظلما ، وإنما تلك مسببات لأسباب كل عاقل يعلم أنها نتيجة حتمية لها.
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣))