(وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) أي وإن عدتم لمعصيتى وخلاف أمرى وقتل رسلى ـ عدنا عليكم بالقتل والسّباء وإحلال الذل والصغار بكم ، وقد عادوا فعاد الله عليهم بعقابه ، فقد كذّبوا النبي صلى الله عليه وسلّم وهمّوا بقتله فسلطه الله عليهم ، فقتل قريظة وأجلى بنى النضير وضرب الجزية على الباقين ، فهم يعطونها عن يد وهم صاغرون ، ولا ملك لهم ولا سلطان.
(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) قال الحسن : الحصير هو الذي يبسط ويفرش والعرب تسمى البساط الصغير حصيرا ، أي إنه تعالى جعل جهنم للكافرين به بساطا ومهادا كما قال : «لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ» وقال ابن عباس وغيره :
جعلناها سجنا محيطا بهم حابسا لهم ، لا رجاء لهم فى الخلاص منه.
وخلاصة ذلك ـ إن لهم فى الدنيا ما تقدم وصفه من العذاب ، وفى الآخرة ما يكون محيطا بهم من عذاب جهنم فلا يتخلصون منه أبدا.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه ما أكرم به من اصطفاه من النبيين والمرسلين ، فأكرم محمدا صلى الله عليه وسلّم بالإسراء ، وأكرم موسى بالتوراة ، وجعلها هدى لبنى إسرائيل ، ثم بين أنهم لم يعملوا بها فحلّ بهم عذاب الدنيا والآخرة ـ قفّى على ذلك بالثناء على القرآن الكريم وبيان أنه يهدى للصراط المستقيم ، ويبشر الصالحين بالأجر والثواب