السيئات وارتكابهم كبائر الإثم والفواحش ، فدمرنا تلك القرية تدميرا ولم نبق منها ديّارا ولا نافخ نار.
وخص المترفين بالذكر لما جرت به العادة أن من سواهم يكون تبعا لهم ، وأن العامة والدهماء يقلدونهم فيما يفعلون ، ولأنهم أسرع إلى الفجور وأقدر على الوصول إلى سبله.
وقد يكون المراد من الأمر ـ أن الله يفيض عليهم نعمه التي تبطرهم وتجعلهم يقعون فى المعاصي ، فكأنه تعالى يأمرهم بها ، إذ مهد لهم الأسباب الموصلة إليها.
وحكى بعض أئمة اللغة أن المراد (بأمرنا) أكثرنا واستدل بما أخرجه أحمد والطبراني من قوله صلى الله عليه وسلّم «خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة» أي مهرة كثر نسلها وطريق مصطفة من النخل مأبورة (كثر فيها اللقاح) لتثمر الثمر الجنى.
ثم ذكر أن كثيرا من الأمم قد حق عليها العذاب بذنوبها فقال :
(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ) أي وقد أهلكنا أمما كثيرة قبلكم من بعد نوح حتى زمانكم حين جحدوا آيات الله وكذبوا رسله وكانوا على مثل ما أنتم عليه من الشرور والآثام ، ولستم بأكرم على الله منهم ، فاحذروا أن يحل بكم من العقاب مثل ما حل بهم وينزل بكم سخطه مثل ما نزل بهم.
وفى هذا من الوعيد لمكذبى رسول الله صلى الله عليه وسلّم من مشركى قريش وتهديدهم بشديد العقاب إن لم ينتهوا عما هم عليه من تكذيب رسوله ـ ما لا يخفى.
(وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) أي وحسبك أيها الرسول بالله خبيرا بذنوب خلقه ، فلا يخفى عليه شىء من أفعال مشركى قومك ولا أفعال غيرهم ، بل هو عليم بجميع أعمالهم لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ، وسيجازيهم على ذلك بما يستحقون.
ثم قسم سبحانه عباده قسمين محب للعاجلة ومحب لأعمال الآخرة :
(١) (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ