محمد ، غير أنى أرى شفتيه تتحركان بشىء ، وقال أبو سفيان : إنى لأرى بعض ما يقول حقا ، وقال أبو جهل : هو مجنون ، وقال أبو لهب : هو كاهن ، وقال حو يطب بن عبد العزّى : هو شاعر فنزلت هذه الآية.
الإيضاح
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) أي وإذا قرأت أيها الرسول القرآن على هؤلاء المشركين الذين لا يصدّقون بالبعث ، ولا يقرون بالثواب والعقاب ـ جعلنا بينك وبينهم حجابا يمنع قلوبهم عن أن تفهم ما تقرؤه عليهم فينتفعوا به ، عقوبة منالهم على كفرهم وتدسيتهم لأنفسهم ، واجتراحهم الجرائر والمعاصي التي تظلم القلوب ، وتضع عليها الأغشية ، وتستر عنها فهم حقائق القرآن ومراميه ، وأسراره وأحكامه وحكمه ، ومواعظه وعبره.
روى أنه عليه الصلاة والسلام الصلاة كان إذا قرأ القرآن قام عن يمينه رجلان وعن يساره آخران من ولد قصىّ يصفّقون ويصفرون ويخلّطون عليه بالأشعار.
ثم بين السبب فى عدم فهمهم لمدارك القرآن فقال :
(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) أي إنه تعالى جعل فى قلوبهم ما يشغلهم عن فهم القرآن وفى آذانهم ما يمنع من سماع صوته.
وخلاصة ذلك ـ إنا منعناهم فقهه ، والوقوف على كنهه ، فنبت قلوبهم عن فهمه ، ومجّته أسماعهم ، فهم لا متناعهم عن قبول دلائله صاروا كأنه حصل بينهم وبين تلك الدلائل حجاب ساتر.
ونسب جعل الحجاب إلى نفسه ، لأنه خلّاهم وأنفسهم ، فصارت تلك التخلية كأنها السبب فى وقوعهم فى تلك الحال ؛ ألا ترى أن السيد إذا لم يراقب أحوال مولاه حتى ساءت حاله ، يقول أنا الذي أوصلك إلى هذا ، إذ ألقيت حبلك على غاربك ، ولم أراقبك عن كثب.
ونحو الآية قوله : «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ».