(٣) أكثر العلماء على أن الإسراء كان بالروح والبدن يقظة لا مناما ، ولهم على ذلك أدلة :
(ا) إن التسبيح والتعجب فى قوله : سبحان الذي أسرى بعبده ـ إنما يكون فى الأمور العظام ـ ولو كان ذلك مناما لم يكن فيه كبير شأن ولم يكن مستعظما.
(ب) إنه لو كان مناما ما كانت قريش تبادر إلى تكذيبه ، ولما ارتد جماعة ممن كانوا قد أسلموا ، ولما قالت أم هانىء لا تحدّث الناس فيكذبوك ، ولما فضّل أبو بكر بالتصديق ، وجاء فى الحديث عن أبى هريرة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لقد رأيتنى فى الحجر وقريش تسألنى عن مسراى ، فسألتنى عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها (لم أعرفها حق المعرفة) فكربت كربا ما كربت مثله قط ، فرفعه الله لى أنظر إليه ، فما سألونى عن شىء إلا أنبأتهم به» الحديث.
(ج) إن قوله (بعبده) يدل على مجموع الروح والجسد.
(د) إن ابن عباس قال فى قوله «وما جعلنا الرّؤيا الّتى أريناك إلّا فتنة للنّاس» هى رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة أسرى به ، ويؤيده أن العرب قد تستعمل الرؤيا فى المشاهدة الحسية ألا ترى إلى قول الراعي يصف صائدا :
وكبّر للرؤيا وهشّ فواده |
|
وبشّر قلبا كان جمّا بلابله |
(ه) إن الحركة بهذه السرعة ممكنة فى نفسها ، فقد جاء فى القرآن أن الرياح كانت تسير بسليمان عليه السلام إلى المواضع البعيدة فى الأوقات القليلة ، فقد قال تعالى فى صفة سير سليمان عليه السلام. «غدوّها شهر ورواحها شهر» وجاء فيه أن الذي عنده علم من الكتاب أحضر عرش بلقيس من أقصى اليمن إلى أقصى الشام فى مقدار لمح البصر كما قال تعالى : «قال الّذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك» وإذا جاز هذا لدى طائفة من الناس جاز لدى جميعهم.