وقال أيضا لربه جرأة وكفرا ، والرب يحلم وينظر :
(أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ؟) أي أخبرنى أهذا الذي كرّمته علىّ؟ وهل يوجد ما يدعو إلى تفضيله علىّ ، وهذا كلام قاله على وجه التعجب والإنكار.
(لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) أي لئن أنظرتنى لأضلنّ ذريته إلا قليلا منهم ، وهذا القليل هم الذين عناهم الله بقوله : «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ».
ولعل إبليس حكم هذا الحكم على ذرية آدم إما بالسماع من الملائكة حين قالوا «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك» أو بالقياس على ما رأى من آدم حين وسوس إليه ، فلم يجد له عزما.
ثم ذكر سبحانه أنه أجابه إلى النّظرة ، وأخره إلى يوم الوقت المعلوم.
(قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) أي قال له سبحانه : امض لشأنك الذي اخترته ، ولما سوّلته لك نفسك ، وقد أخرتك ، وهذا كما تقول لمن يخالفك : افعل ما تريد.
فمن أطاعك من ذرية آدم وضلّ عن الحق ، فإن جزاءك على دعائك إياهم ، وجزاءهم على اتباعهم لك وخلافهم أمرى جزاء موفور ، لا ينقص لكم منه شىء ، بما تستحقون من سيىء الأعمال ، وما دنستم به أنفسكم من قبيح الأفعال.
ونحو الآية قوله : «(فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ».
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) أي قال تعالى مهددا له : استخفّ وأزعج بدعائك إلى معصية الله ووسوستك من استطعت من ذرية آدم.
(وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) أي واجمع عليهم من ركبان جندك ومشاتهم من تجلب بالدعاء إلى طاعتك والصرف عن طاعتى ، ومثل هذا الأسلوب يراد به التشمير فى الأمر والجد فيه ، والتسلط على من يغويه ، وكأن فارسا مغوارا وقع