الإيضاح
علمت مما سلف أنهم طلبوا منه آية من ست ، وها هى ذى :
(١) (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) أي قال رؤساء مكة كعتبة وشيبة ابني ربيعة وأبى سفيان والنضر بن الحرث قول المبهوت المحجوج المتحير : لن نصدّقك حتى تستنبط لنا عينا من أرضنا تدفق بالماء أو تفور ، وذلك سهل يسير على الله لو شاء فعله وأجابهم إلى ما يطلبون ، ولكن الله علم أنهم لا يهتدون كما قال : «إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ. وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ» وقال : «وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا» الآية.
(٢) (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) أي أو يكون لك بستان فيه نخيل وعنب تتفجر الأنهار خلاله تفجيرا لسقيه.
(٣) (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) تقول العرب : جاءنا بثريد كسف أي قطع من الخبز : أي أو تسقط علينا جرم السماء إسقاطا مماثلا لما زعمت فى قولك : «أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ».
وخلاصة ذلك ـ أو تسقط السماء علينا متقطعة قطعا قطعا ، ونحو الآية قوله : «اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ» وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا : «فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ».
(٤) (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) أي أو تأتى بالله والملائكة نقابلهم معاينة ومواجهة قاله مجاهد وعطاء ، ونحو الآية قولهم : «لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا».
(٥) (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) أي أو يكون لك بيت من ذهب ، روى ذلك عن ابن عباس وقتادة وغيرهما.